اخبار محلية

“النهار”: جنون الأقساط بالدولار… تعلّموا في جهنم!!

كتب ابراهيم حيدر في “النهار”: يرجح أن نشهد ارتفاعات خيالية في أقساط المدارس الخاصة، ومنها جزء بـ”الدولار الأميركي الفريش”، بعدما استفحل الانهيار وطال #القطاع التعليمي الخاص كما الرسمي الذي يئن في غياب الرعاية والدعم من الحكومة المسؤولة الاولى عن وضع مشاريع للانقاذ. السنة الدراسية المقبلة ستكون مختلفة بعدما بلغت الأزمة ذروتها ولم يعد في إمكان المدارس الاستمرار ما لم يتأمن التمويل لسد الحاجات الأساسية للتشغيل وتحسين أوضاع المعلمين، وإن كان بعض الإدارات لا تأبه لتوزيع عادل للخسائر ويهمها الأرباح بحجة الحفاظ على المستوى واستقطاب الكفاءات للتدريس. وعلى هذا أصبح أهالي التلامذة الحلقة الضعيفة وهم لا يزالون يفضلون المدرسة الخاصة في غياب الثقة بالتعليم الرسمي الذي لم يستطع النهوض بسبب أوضاعه الهشة والتراكمات السلبية للتوظيف والتنفيعات منذ أكثر من عقدين.

انفجار الأقساط بدا جلياً بعد لجوء معظم المدارس إلى فرض زيادات وتسعير بالدولار، متسلحة بمعادلة تقوم على أن التعليم الجيد كلفته مرتفعة، خصوصاً في الأزمات، وهذا يعني أعباءً كبيرة تقتضي زيادة الأقساط. لكن القسط بالدولار في مدارس كثيرة يعني الضغط على أهالي التلامذة ووضعهم أمام خيارين، إما الدفع أو البحث عن مكان آخر للتعليم لن يكون الرسمي بالتأكيد في ظل وضعه المزري. لن تكون السنة الدراسية المقبلة ليست كسابقاتها وأن كانت المدارس تلجأ للزيادات في كل الأوقات، فالقسم الأكبر من الأهل لن يتمكنوا من دفع الأقساط المسعرة بالدولار ولا تحمّلها، وهو أمر يستدعي تدخل وزارة التربية لإعادة ضبط هذا الملف، فهي وزارة الوصاية وفي امكانها استخراج آليات تمكنها من اجتراح تسويات عادلة.

 

يمكن وصف ما يحدث حالياً بـ”جنون الأقساط” أو الجحيم وان كانت هناك مدارس تأخذ بالاعتبار أوضاع المتعلمين، فتقلص من استيفائها الدولار الاميركي، وتقدم مساعدات ومنح متفاوتة، لكن الجنون وصل عند مدارس أخرى إلى حد لا يُحتمل حتى للميسورين، إذ كيف يمكن أن تقنعنا إدارة مدرسة بقسطها الذي يبلغ 120 مليون ليرة بعد احتساب أجزائه بين الدولار والليرة، أو تلك التي تلجأ إلى زيادات متفاوتة تتخطى الـ200%، فيرتفع القسط في مدرسة إلى 50 مليون ليرة وفي أخرى إلى 70، وأن كان يبقى أقل بكثير من 5 آلاف أو 11 ألف دولار كانت تستوفيها مدارس عن كل تلميذ لديها سابقاً. يعني ذلك أن الأقساط تلتهب وهي مرشحة لأن تحدث خللاً في بنية التعليم، حيث قرر البعض أن يكون التعليم للأعنياء بعدما انهارت الطبقة الوسطى وكسرت التوازنات الاجتماعية في البلد.

 

الازمة متشعبة ومتداخلة، والمدارس تحمّل الأهالي الكلفة من دون أن تذهب الزيادات الى المعلمين، وهذا الوضع يهدّد استمرارية التعليم، ورغم ذلك هناك كلفة تتكبّدها المؤسّسات التعليمية، ولا ينفع معها الكلام عن التغوّل في أقساط تفرضها بعض المدارس ضمن البنود التشغيلية التي تدفع كلفتها بالعملة الصعبة.

المعاناة مرشحة لأن تستمر طالما أن مدارس كثيرة، تتعامل برؤية تجارية، تحت شعارات واهية. وفي حين أن أكثرية اللبنانيين باتوا على خط الفقر، ينبغي النظر إلى الأزمة بوجهها الحقيقي، وأن تتدخل وزارة التربية، لمنع تفلت الأقساط ورفع السقف وفرض زيادات بلا رقابة، وهو ما يتطلب مقاربة مختلفة للوضع التعليمي كله، حماية للمدرسة والأهالي والمعلمين، وإلا فإننا ننزلق إلى جهنم…

المصدر: جريدة النهار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى