قسّم وقته بين #مهنته وبين #المدرسة ليعيل عائلته… #الطفل_الجنوبي” علي” إبن الـ١٠ سنوات يتفوّق في دراسته: “هيك بدها الظروف”!!
“كتبت رمال جوني في جريدة نداء الوطن
يثير علي علامة الانتباه. هو يعمل في تصليح الدرّاجات الهوائية. يغطّي “الشحتار” وجهه الحزين، وهو ينكبّ على إصلاح درّاجة بين يديه، فالفتى الصغير استلم زمام المهنة بعد وفاة والده ليكون سنداً لأمّه وأخواته. في بلدة عدلون يعمل إبن العاشرة من عمره في إصلاح الدرّاجات الهوائية، يتحدّى ظروفه الصعبة، لم يقف عمره حاجزاً بينه وبين العمل، فالشاطر الذكيّ ما زال يواصل دراسته صباحاً، ويعمل ظهراً لأنّه يرفض أن يذلّه أحد. حمل عِدّة والده وأخذ على عاتقه الاهتمام بأسرته حتّى لا تضطر إلى طلب المعونة من أحد.
رمت الظروف بعلي في سوق العمل باكراً، وإن كان يهوى ركوب الدرّاجة الهوائية، ويملك واحدة منها، غير أن وفاة والده قلبت الأمور رأساً على عقب. تخلّى عن طفولته باكراً، حمل “مفتاح الجنط والمفكّ والبراغي”، وراح يهندس صيانة الدرّاجات الهوائية، لا ينكر “أنّ الأمر شاقّ”، غير أنّه يؤكّد أنّه “قدّها وقدود”، وأكثر يقول “أبي علّمني كيف أعتمد على نفسي وأن أصنع شخصيتي الصلبة”. ما يعزّ عليه أنّ والده تركهم على حين غفلة، لم يستوعب بعد رحيله المفاجئ، غير أنّه مضطر للعمل لتأمين متطلّبات العائلة.
تحوّل علي معيل الأسرة في زمن الغلاء والوضع الصعب، يعمل بكدّ وجهد. يحاول إستغلال الوقت واستثماره في العمل والدرس معاً، يرفض الانكسار رغم يقينه أنّ ما يقوم به يتطلّب جهداً ودقّة وصبراً. يرى ما يقوم به عظيماً، بل يعتبر نفسه قدوة لرفاقه، فهو يفخر أنّه سند لأسرته رغم كلّ الحزن البادي على وجهه، فما يمرّ به ليس سهلاً.
باكراً يذهب الى مدرسته ويُعتبر من متفوّقيها. “المجتهد” كما يصفه رفاقه، يواجه الحياة اليوم بعلمه وعمله، نهض بمهنة والده، حاز ثقة الزبائن وبات مقصداً لهم، رغم أن كثيرين يتفاجأون كيف لفتى يافع أن يصبح مهنياً، إلّا أنّه يردّد “هيك بدّها الظروف”.
يوزّع وقته بين المدرسة صباحاً والعمل بعد الظهر والدرس ليلاً، فهو يطمح أن يصبح مهندساً حين يكبر، يرفض التخلّي عن حلم والده بإكمال دراسته، غير أنّه إضطر للتخلّي عن كرة القدم التي يعشقها. فعلي يصنّف بالفتى الكادح الذي يقّدم نموذجاً للزعماء في لبنان الذين يتركون الناس في حربها مع الأزمات ولا يبالون بظروفهم.