إجتماع رئاسي اليوم للرد على هوكشتاين..لحظات مفصلية بانتظارنا فكيف سيكون الرد؟!

وعلمت «الجمهورية» انّ هذا الاجتماع الرئاسي يمكن ان لا يتم التوصّل خلاله الى قرار نهائي وان يبقى مفتوحا لمزيد من الدرس قبل إعطاء الموقف النهائي اللبناني الرسمي، علماً انه لا يزال هناك متّسع من الوقت حتى نهاية آذار الجاري موعد تسليم هذا الرد الى الوسيط الاميركي.
وفي سياق متصل أبلغت مصادر واسعة الاطلاع الى «الجمهورية» ان لبنان يواجه محكاً مفصلياً، محذّرة من أنه إذا لم يتم التوصّل الى حلول مستدامة عبر الاتفاق مع المؤسسات الدولية وصندوق النقد الدولي لبدء المعالجات الحقيقية للازمة الاقتصادية المالية فإنّ لبنان سيخسر الاهتمام الدولي به وبالتالي سيُصرف الانتباه عنه.
ونقلت المصادر عن مسؤول رسمي تَنبيهه الى انّ إضاعة هذه الفرصة تعني انه قد لا يكون في مقدور لبنان العام المقبل شراء علبة كبريت، خصوصا مع استمرار استنزاف ما تبقى من دولارات لدى مصرف لبنان. واعتبرت المصادر ان توقيف رجا سلامة، شقيق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، يتحمّل تفسيرين، فإمّا انه توطئة للوصول إلى رأس الحاكم قريباً وامّا انه آخر المطاف، بمعنى ان يجري الاكتفاء بها ويُطوى معها ملف رياض سلامة حتى إشعار آخر.
«رواد العدالة»
وكانت النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون قد أصدرت امس قرارا قضى بتوقيف رجا سلامة شقيق حاكم مصرف لبنان، بعد الاستماع اليه والتحقيق معه لثلاث ساعات في حضور وكيله القانوني، وذلك على خلفية إخبار تقدمت به الدائرة القانونية لمجموعة «رواد العدالة» ممثلة بالمحامي هيثم عزو ومجموعة من المحامين بجرم تبييض اموال وإثراء غير مشروع على حساب خزينة مصرف لبنان.
وأحالت عون رجا سلامة إلى قاضي التحقيق، وفق مصدر قضائي، للتحقيق «في شبهات تتعلق بجرائم تبييض أموال واختلاس وإثراء غير مشروع وتهريب أموال طائلة إلى الخارج»، وهي الشبهات نفسها التي تلاحق فيها عون حاكم مصرف لبنان المركزي.
ويعود إلى قاضي التحقيق أن يقرر الإبقاء على رجا سلامة موقوفاً أو التحقيق معه بعد إخلاء سبيله.
ونقلت قناة «الجديد» عن عون قولها انّ حاكم مصرف لبنان «استخدم اسم أخيه وشركاتٍ وهمية كان قد أنشأها رجا بإسمه لتسجيل عقارات في فرنسا، قاربت قيمتها 12 مليون دولار».
ورداً على سؤال عن استدعاء رياض سلامة قالت عون: «سَبق واستدعيناه «وشِفتو شو صار»، سنعاود الإتصال به، وإذا لم يحضر «مِنشوف شو منعمل، بركي إجا هالمرّة».
من جهة ثانية قالت مصادر متابعة للمواجهة القائمة حالياً بين المصارف وجزء من القضاء لـ«الجمهورية» انه لا يمكن وصف هذه المواجهة سوى بالفوضى، والفوضى هي العدو الاول للاقتصاد، تضربه في مقتل. اذ تتوالى الاحكام القضائية في حق مصارف، في غياب قانون ينظّم الفوضى التي نشأت في الاساس منذ لحظة اعلان الدولة اللبنانية التوقّف عن الدفع (الافلاس)، ولم تستتبع ذلك بإجراءات توضح فيها مصير اموال الناس، ومصير القطاع المصرفي، ومصير مصرف لبنان… ولا يزال قانون «الكابيتال كونترول» مجرد سراب، وغياب القانون حتى الآن يسمح بهذه الفوضى التي لم يعد واضحاً الهدف منها، ولا الى اين يمكن ان تصل.
وفي السياق، حذّر رئيس منظمة «جوستيسيا للإنماء وحقوق الإنسان» بول مرقص، عبر «الجمهورية»، من تداعيات القرارات القضائية المتفرقة في حق المصارف، «وان كنّا مع حماية حقوق المودعين وتحصيلها الا اننا نخشى من ان تأتي هذه القرارات القضائية، والتي وان كانت خلفية البعض منها حميدة وتهدف الى الانتصار لحقوق المودعين، مُؤذية لهم وان ترتد سلباً عليهم ان لم يكن الشخص المعني بالقرار كسائر فئات المودعين، اذ يمكن ان يكون القضاء انتصر لِحقّ مودِعٍ معين انما قد يتخذ المصرف المعني قراراً بالتزام القرار القضائي وان لا يسهل الامور امام المودعين بحيث يُبقي على الحجز القائم ويمتنع عن التعاملات المصرفية وصولاً للاضراب في القطاع المصرفي ككل، فضلاً عمّا تبقّى من مخاطر السمعة وتداعياتها على تعاملات المصارف المراسلة مع المصارف اللبنانية التي ستحاذر اكثر في تعاملاتها معنا».
مخطط مَشبوه
الى ذلك، بدأت تنتشر اجواء مقلقة في البلد توحي بوجود مخطط مَشبوه في ملف المواجهات المفتعلة بين بعض القضاء والمصارف. وتُطرح تساؤلات حول التوقيت المريب الذي تفجرت فيه هذه المواجهة. وفي السياق هناك قراءتان في تفسير التوقيت كلتاهما تؤدّي الى «خراب البصرة»: القراءة الاولى، تتحدث عن اهداف انتخابية اذ يعتقد فريق في المنظومة الحاكمة انّ هذا النهج في تفجير الوضع في وجه المصارف، يخدم في جذب اصوات اضافية في الانتخابات النيابية. في حين ان القراءة الثانية تتحدث عن مخطط يهدف الى دفع المصارف الى الاضراب، ومن ثم نشر الفوضى في الشارع على خلفية عرقلة مصالح الناس وعدم تَمكّنهم من تحصيل حقوقهم المالية (رواتب وودائع وخلافه…)، وينتهي الامر الى فوضى شاملة واضطرابات تسمح بتبرير تأجيل موعد الانتخابات.
في كل الاحوال، يبدو الوضع مريباً ويدعو الى القلق، وقد يقود الى تعميق مآسي الناس في المرحلة المقبلة.
صندوق النقد
في غضون ذلك، يزور وفد من خبراء صندوق النقد الدولي بيروت قبل نهاية الشهر لاستكمال المحادثات مع السلطات اللبنانية، وفق ما كشفه امس المتحدث باسم صندوق النقد جيري رايس، وقال: «ما زلنا على تواصل وثيق مع السلطات اللبنانية، ونحاول العمل معها لصياغة برنامج إصلاح يمكن أن يتصدى للتحديات المالية والاقتصادية الشديدة التي يواجهها لبنان».
أضاف: «أود أن أقول إنّ المناقشات تتقدم
والحماسة التي كانت سائدة والتي شعر بها المراقبون إثر الرقم المرتفع للتسجيل الذي سجله المغتربون، تراجعت بعض الشيء. وليس سراً أن اطراف الطبقة السياسية عملت على مواجهة تبدّل المزاج الشعبي الذي تَظهّر في 17 تشرين، من خلال العمل على تحقيق مسألتين:
الاولى، وهي باختراق المجموعات وضربها بعضها ببعض واظهارها وكأنها تعمل وفق مبدأ «زيح كي اجلس مكانك»، اي ان الذهنية لن تتبدل، وان اهداف البعض شخصية وتطاول استحقاقات مستقبلية.
والثانية، وهي العمل على خفض نسبة المشاركة في الاقتراع الى الحدود الدنيا، ما سيعني احتفاظ القوى السياسية بـ«بلوكاتها» للاقتراع، والتي هي قائمة على الحزبيين في مقابل تدنّي نسبة المقترعين من الشريحة التي تصنف كرأي عام وكمستقلين، وهو ما سيسمح بالحد قدر الامكان من خسارة المقاعد.
قد تبدو اللعبة عادية في اطار التنافس الانتخابي العادي، لكن ثمة ما هو أبعد وأعمق تفرضه الظروف التي تمر بها المنطقة والتوقيت الاقليمي الدقيق. فنحن على ابواب متغيرات كبرى في المنطقة لإعادة رسم الخريطة السياسية، وهو سيبدأ فور استعادة العمل بالاتفاق النووي الايراني وقد زادَ من حجم التبدلات المتوقعة والمنتظرة الآثار الهائلة المترتبة للحرب الضروس الدائرة في اوكرانيا. تكفي الاشارة الى سقوط النظرية التي سادت خلال السنوات الماضية حول تراجع الاهمية الاستراتيجية لمنطقة الشرق الاوسط والخليج العربي، بعدما تبيّن انّ وضع هذه المنطقة في درجة متأخرة من الاهتمامات هو خطأ قاتل.
وبالتالي، فإنّ النظر الى الاستحقاق النيابي من الزوايا الداخلية البحتة هو بدوره خطأ قاتل.
وخلال المرحلة الاخيرة طُرحت مئات الاسئلة حول مصير الساحة السنية بعد خروج الرئيس سعد الحريري ومعه تيار «المستقبل» من الحياة السياسية اللبنانية، والاهم موقف السعودية مما يدور.
وخلال الايام الماضية تَصدّر الرئيس فؤاد السنيورة الحركة الانتخابية على الساحة السنية. صحيح انه لم يتقدم بترشحه، لكنه اكد الانخراط في الحركة الانتخابية. غالب الظن أنه يريد بعدم ترشحه الحَدّ قدر الامكان من حساسية الحريري تجاه أي وريث لموقعه وبالتالي محاولة حماية نفسه من الحملات السياسية عليه، ولكن في مقابل تزخيم نشاطه الانتخابي.
في نادي رؤساء الحكومة السابقين ثمة تعريف للسنيورة بأنه الاقرب الى السعودية والذي ما يزال يحتفظ بعلاقة مع مسؤوليها ويليه في ذلك الرئيس تمام سلام. وهو ما يدفع الى الاستنتاج بأن حركة السنيورة ليست بعيدة عن المناخ السعودي، وما عزّز هذا الانطباع التواصل اليومي الحاصل بينه وبين رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، على رغم من انّ المعروف عن السنيورة انه على الصعيد الشخصي، لا «يود» جعجع كثيراً. ما يعني انّ هنالك مَن يدفع في هذا الاتجاه، والواضح الثلاثي الانتخابي الذي يعتمده السنيورة هو في الاتّكاء بنحوٍ رئيسي على تحالف ترتكز قاعدته الاساسية اضافة اليه، على «القوات اللبنانية» والحزب التقدمي الاشتراكي.
لكن على المقلب الآخر لا تبدو الامور بالبساطة التي يتم تصويرها فلا بد من التعمق اكثر في تَشابك خيوطها.
منذ فترة ليست بقصيرة طرحَ رئيس «التيار الوطني الحر» وفي اكثر من مناسبة موضوع التعديل الدستوري، وهو الذي يعرف تماماً ان فتح باب تعديل اي بند سيعني فعلياً الانتقال الى صَوغ دستور جديد، والمعروف انّ صاحب الكلمة الفصل يكون الفريق صاحب الحضور الاقوى في المعادلة على الساحة.
لاحقاً، تحدث باسيل عن مداورة في الرئاسات بين المذاهب الثلاث، الموارنة والسنة والشيعة. وهو ما يشكل مدخلاً ممتازاً للمثالثة. وبالأمس، وخلال مهرجان اعلان اسماء مرشحي «التيار الوطني الحر»، تحدث باسيل، في ما يشبه برنامج العمل، بالعمل على تطوير النظام السياسي.
وفي الوقت نفسه قال الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، خلال لقائه كوادر الحزب، انّ «معركتنا هي بإنجاح حلفائنا».
ما من شك في أن احتكاكات اعلامية عدة حصلت بين جمهوري «التيار الوطني الحر» و»حزب الله» وقد تكون القاعدة الناخبة للحزب لا تستسيغ كثيرا اسلوب باسيل السياسي. أضف الى ذلك انّ التنافر معروف بين قاعدتي التيار وحركة «امل»، لكن ثمة ما هو ابعد واعمق دفعَ بالسيد نصرالله الى اختصار عنوان المعركة بأنها «لإنجاح الحلفاء».
في السابق قيل ان «حزب الله» سيسعى لتأمين 6 مقاعد نيابية للتيار حتى ولو غضب بعض الحلفاء مثل «المردة» والقوميين، اضافة الى المساعدة في دوائر اخرى. وانطلاقاً مما سبق فإنه من المنطقي الاعتبار أن مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية ستفتح باب تغيير النظام السياسي المعمول به في لبنان، طالما ان المرحلة هي مرحلة صوغ دستور جديد في سوريا وترتيب الصورة في العراق. وبالتالي، فإن التوقيت يصبح مثالياً لطرح دستور لبناني جديد على بساط البحث.
ألم يحصد الرئيس الفرنسي ترحيباً حين طرح الدعوة الى عقد اجتماعي جديد لدى زيارته الثانية للبنان؟ اضف الى ذلك التزامه بالدعوة الى مؤتمر ستحضره الاطراف اللبنانية في باريس بعد الانتخابات النيابية. وهو ما سيعني ان البعض سيستعد لطرح صيغة سياسية جديدة للحكم.
وفي الاطار عينه لا بد من الاشارة الى الاهتمام الدائم للفاتيكان بالازمة اللبنانية. وكرّر قداسة البابا فرنسيس اكثر من مرة خشيته على وجود لبنان وعلى مصير التعايش بين الطوائف فيه، مُنتقداً بحدة الذين «يغلبون» المصلحة الخاصة على العامة.
وعلى الرغم من هذا الاهتمام والكوارث الهائلة التي ضربت الساحة اللبنانية وفي طليعتها كارثة انفجار المرفأ، إلا انّ البابا الذي يريد زيارة لبنان، آثَر عدم حصول زيارته في هذه المرحلة، وهو ما فُسّر بأنه لعدم منح «نقاط» للسلطة القائمة حالياً.
في الواقع، الكواليس الديبلوماسية تتحدث عن زيارة ستحصل ولكن بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وما استجدّ هو انّ الفاتيكان حَدد زيارة للرئيس ميشال عون بعد انتظار.