ولو غابت الأمهات
كتب المحامي الدكتور انطوان صفير في موقع mtv:
التقيتُ اليوم مع الربيع في يوم أوبَتِهِ، زارعاً آمالاً تُكابرُ على الآلآم،
محاولاً بث الفرح فييَّ،
مستوطناً الطبيعة الحاملةً ورودها النقية بحُمرِها وبِيضِها، لتعيّد الأمهات-الأمهات.
ولم يخطر بباله، أنه مع العيون التي ما جفّت فيها الدموع،
ستخشع وروده ذابلةً بلا زهو،
إذ لا يفتح باب “أمي” وهو ما اعتاد إلا على البسمات والتضرعات،
معتذرا برقةٍ عن استقبال الرقيق من الورود.
ووقع الربيع حائراً … كيف يعايد صاحبة العيد عندي وهي مِمّن قد رَحلنَ الى دار الخلود،
وقد سَكَنَّى سكونَ الصديقين في وادي القديسين، وكأنهن من طيورٍ مهاجرةٍ تركن حقول الشوك لتُلاقِيَّنَ حقول قمح الرب…
ولكن قلبهن ههنا يلاحق “البنات والصبي” مهما بلغوا،
وتستطمرن نِعمَ السماءِ على من تركتهن من الأحباء.
وهُم قد إِشتاقوا الى رائحة أعطرَ من الرياحين،
والى عيونٍ لنظراتها الرؤوم تلين الصخور،
والى حضنٍ لا وطن أوسع منه،
والى بالٍ أكثر ما يشغله أخبار”الولاد” وصحتهم وفرحهم.
ووقف الربيع أمامي عالماً أنَّ الغصّة قد أكلت مني القلب والمآقي،
وأنَّ غياب الأم لا ينفع معه عزاء البشر،
وأنَّ “ماري” أُمي الراحلة بصمت،
كما الأُمهات الصديقات،
هي الأكثر حضوراً منذ ربيع حياتي وحتى ساعة لقاء وجه فادي الإنسان.
عَلِمَ أنني أشتقت أليك يا “أم طوني” واللقاء بعيد ……
وأنت ما برحتِ تستوطنين ذاتي وفرحي،
وتواسينَ حُزني ووجعي،
وتلامسين وجهي أبداً، ومع خفقاتي تخفقين.
وتفرحين وتصلين لنيكولا فرح عمري ولماربا حاملة اسمك ووجهك الوضاء وذكاءك الوقاد.
تركتني أُمي، لكن أُمّ البشريّة وسيدة لبنان ههنا، هي معزية الحزانى وشفيعة الشبيبة.
غاب وجه أُمي … ويا لوجعي.
……وسأحمل الورود الخاشعة الى مثواكِ في الحبيبة ريفون، حيث مار روكز يواكب الأجداد والوالد زخيا الحبيب.
مردداً مع شاعرنا سعيد عقل:
“أُمي يا ملاكي يا حبي الباقي الى الأبد”.
(mtv)