مصارف لبنانية قد تواجه اتهامات بعرقلة التحقيق: أوروبا تحجز أموال سلامة… والقضاء اللبناني نائم!
تحت عنوان “مصارف لبنانية قد تواجه اتهامات بعرقلة التحقيق: أوروبا تحجز أموال سلامة… والقضاء اللبناني نائم!” كتب الأخبار في عددها الصادر اليوم:
كيف سيتصرف رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة وأركان الدولة مع موظف حكومي قرّرت الجهات القضائية في أوروبا الحجز على ممتلكاته وأمواله بعدما اعتبرته مشتبهاً فيه في اختلاس أموال عامة؟
السؤال مردّه أن هذا الموظف نفسه، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، مدعوّ إلى جلسة مجلس الوزراء غداً للبحث معه في سبل تعزيز المالية العامة ومنع الهدر وضبط الأسواق المالية وضمان حقوق الدولة والموظفين والمودعين والمواطنين! كما أن مردّه أن هذه السلطة لم تكتف بتوفير حصانة مطلقة للحاكم، بل تمنع قوى إنفاذ القانون من تنفيذ التدابير والقرارات القضائية، وتوفّر حصانة لقطاع مصرفي بات على وشك الاشتباه بمشاركته في عملية تبييض أموال يشتبه في أن الحاكم اختلسها.
دول أوروبية تشتبه في قيام سلامة ومقرّبين منه باختلاس أموال عامة، عمدت إلى تجميد أصول عقارية وحسابات مصرفية مرتبطة بهم تبلغ قيمتها 120 مليون يورو (نحو 130 مليون دولار). وأعلنت «وحدة التعاون القضائي الأوروبية» (يوروجاست)، في بيان أمس، أن كلاً من فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ أصدرت في 25 آذار الجاري قرارات بتجميد أصول مرتبطة بالتّحقيق الجاري في حقّ «خمسة مشتبه فيهم (لم تذكر أسماءهم) في تبييض أموال»، مبيّنةً أن تهمة هؤلاء هي «اختلاس أموال للدولة اللبنانية تزيد قيمتها على 330 مليون دولار و5 ملايين يورو، بين عامي 2002 و2021».
وفي التفاصيل، حجزت السلطات القضائية الألمانية على ثلاثة عقارات (أحدها في هامبورغ واثنان في ميونيخ)، وعلى أسهمٍ في شركة عقارات مقرّها دوسلدورف، تُقدّر قيمتها بحوالى 28 مليون يورو. كما حجزت على أصول أخرى بقيمة تصل إلى 7 ملايين يورو. وأكّدت متحدثة باسم الادعاء العام في ألمانيا لوكالة «بلومبيرغ»، أمس، أنّ «حاكم مصرف لبنان هو أحد المشتبه فيهم في إطار تجميد أصول لبنانية في فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ بقيمة 120 مليون يورو في عملية لمكافحة تبييض الأموال».
وفي فرنسا، تمّ الحجز على مجمعين عقارييَن في باريس بقيمة 16 مليون يورو، وعدد من الحسابات المصرفية في كل من فرنسا (2.2 مليون يورو) وموناكو (46 مليون يورو)، إلى جانب مبنى في بروكسل بقيمة 7 ملايين يورو. وحجزت سلطات لوكسمبورغ على حوالى 11 مليون يورو في عدد من الحسابات المصرفية. ومع الأصول العقارية التي جمّدتها سويسرا سابقاً، وتبلغ قيمتها نحو 50 مليون يورو، تكون كل الأصول العقارية العائدة للحاكم في أوروبا قد جُمدت بالكامل، باستثناء تلك الموجودة في بريطانيا، إضافةً إلى الولايات المتحدة.
وإلى سلامة، يُلاحق في القضية كلٌّ من: شقيقه رجا (موقوف في لبنان بقرار قضائي)، ومساعدته ماريان الحويك، وصديقته الأوكرانية آنا كوزاكوفا وابنتهما إليزابيت.
وكانت الحكومة اللبنانية تلقّت رسائل أوروبية رسمية تطلب التعاون في التحقيق المفتوح بحقّ سلامة، والذي يتولّاه محلياً القاضي جان طنوس، بإشراف النيابة العامة التمييزية. كذلك تلقّى لبنان أخيراً طلبات إضافية تشمل الحصول على تفاصيل دقيقة تتعلق بحسابات سلامة في مصرف لبنان وحسابات شقيقه رجا في كل المصارف اللبنانية، بما فيها كل عمليات السحب والإيداع والتحويلات، وإخضاع هذه الحسابات لعمليات تدقيق محاسبية وفق ما ينص عليه القانون ورفع السرية المصرفية عنها باعتبار أن التحقيق القائم في لبنان يقوم على تهمة الإثراء غير المشروع التي يتم بموجبها رفع السرية المصرفية فوراً.
وفيما لا يزال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يصرّ على منع القضاء اللبناني من تلبية طلبات الجهات القضائية الأوروبية، فإن المستغرب هو استمرار قبول النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات بتجميد مهمة القاضي جان طنوس ومنعه من مداهمة المصارف المعنية للحصول على المستندات. علماً أن هذه المصارف نفسها، بحسب مصدر معني، تشهد نقاشاً حول فرضية التعاون مع السلطات القضائية. إذ إنها قد تعرّض نفسها للملاحقة من الجهات القضائية الأوروبية بتهمة المشاركة مع سلامة في عمليات تبييض الأموال، وهو أمر موضع درس بين جهات قضائية وقانونية لبنانية وأوروبية. مع العلم أن الحاكم نفسه يجهد للحصول على ملفات القضاء اللبناني ولو مواربة. إذ تبين أنه اعترض على أحد القرارات في ألمانيا، وطلب من محاميه الحصول على أوراق الملف والقضية، ولدى سؤال الأخير الجانب اللبناني عن كيفية التعامل مع طلب سلامة جاء الرد بأن الملف سري ولا يحق له الاطلاع عليه.
الإجراءات الأوروبية ستواصل الحجز على أصول سلامة وشركائه حتى تعادل قيمتها المبلغ المشتبه فيه باختلاسه
وبحسب لائحة الإجراءات الأوروبية، فإن القرارات التي تشمل حتى الآن سويسرا وألمانيا وفرنسا ولوكسمبورغ، تهدف إلى مواصلة الحجز على كل العقارات والأموال التي تخص سلامة وشركاءه حتى تعادل قيمتها المبلغ المشتبه فيه باختلاسه، أي 330 مليون دولار، علماً أن العمليات المصرفية تشير إلى أن هذا المبلغ يصل اليوم إلى نحو نصف مليار دولار بفعل الفوائد والاستثمار الذي استخدم فيه في السنوات السابقة.
لقراءة المقال كاملًا: اضغط هنا