ليس دفاعا عن غادة عون…. ما تقوم به القاضية اساسي وفي محله (الجمهورية)
المصدر: جريدة الجمهورية.
نستغرب الحملة الشرسة التي تتعرّض لها المدّعية العامة لجبل لبنان القاضية غادة عون، وليس من مبدأ الدفاع عنها تحديداً، إنما ما تقوم به يجب ان يقوم به كل قاضٍ في بلد تعرّض للنهب وسرقة الودائع والإفلاس.
والأكثر غرابة، انّ الحجج التي يبني عليها مهاجمو عون حملتهم عليها، انّها تستهدف فئة معينة لأسباب سياسية، وتتغاضى عن فئات أخرى .
وبهذا المنطق يضطر كل قاضٍ قبل ان يرفع قضية فساد ضدّ أحد، ان يستقصي عن أي فئة ينتمي من سيدّعي عليه، ويجد 6 أو 7 ينتمون الى فئات أخرى ليرفع على الجميع قضايا فساد، وبهذه الطريقة يتفادى ان يُتهم بالتسييس، فهل هذا هو المطلوب؟
أو ان تتصل عون بـ 6 او 7 قضاة ليرفعوا دعاوى على اشخاص من كل الأطراف في الوقت نفسه؟ أو إذا كانت العلّة انّ عون تملك دوافع سياسية لمهاجمة فريق معيّن، فلماذا لا يرفع قضاة آخرون دعاوى على الفريق الآخر إذا كانت هناك شبهات فساد كما ذكرنا أعلاه؟
وهكذا، على الرغم من كل ما حدث في لبنان، لم ولن تتمّ محاكمة او محاسبة أي من المسؤولين الفعليين الذين أوقعونا في هذه المصائب، لأنّ هذه الحجج تضيّع الحقيقة والبوصلة عن المشكلات الأساسية وفحوى القضايا المرفوعة. فكم من قضية قضائية تمّ تجميدها بفعل ضغوط سياسية لانّها تتعرض لشخصية محسوبة على زعيم او حزب او غيره، وكأنّ من يريد ان يكون قاضياً شاطراً في لبنان يجب ان يلتزم بمحاكمة من لا يملكون حماية، الناس «المعتّرين» الذين لا سند سياسياً او خارجياً لهم؟
والمأخذ الرئيسي اليوم على بعض الإعلام، وكأنّه لا يريد ان يحاكم احداً، وكأنّ هذه القضايا في حدّ ذاتها لا تعنيه، فتحول مدافعاً شرساً عن منظومة أفلست الملايين ودمّرت حياتهم وأضاعت جنى عمرهم وهجّرت شبابهم. أليس دور الإعلام سلطة رابعة تراقب وتستقصي وتلاحق من ارتكب وأهدر ونهب؟
وأيضاً، ملاحظة على عمل القاضي عون، هل ارتكزت في الدعاوى المرفوعة على تقارير مصرف لبنان المركزي المدققة من شركات «ديلويت اند توش» منذ 29 عاماً؟ أم التقارير الثلاثة الاخيرة وصولاً الى العام 2018؟ هل تملك التقارير بين يديها؟ وإذا لا، هل طالبت بها وامتنع مصرف لبنان المركزي عن تزويدها ايّاها ؟ ام انّ المعلومات مستقاة من معلومات داخلية، وتقارير مدقق او اثنين يملكان بعض المعلومات؟
انّ ما تقوم به عون اساسي وفي محله، ولكن التخوف الّا تتمكن من تكوين الملف كاملاً في انتظام وحرفية؟ والتخوف الأكبر ان يؤدي عدم تكوين ملف متكامل مرتكز على التقارير التي نطالب بها ليلاً ونهاراً، إلى إعطاء صك براءة لمن كان مسؤولاً عن الانهيار المالي الكبير، والذي من المفترض ان يكون مؤتمناً على سلامة القطاع المصرفي .
ونطالب كل مهتم بالحقيقة وكشف الأسباب التي اوصلتنا الى التعتير، ان يساعد عون في تكوين الحقائق العلمية المرتكزة على الارقام والبيانات والتقارير المدققة، لا ان يهاجمها منتقدوها لأسباب سياسية او غيرها. كذلك، لا ان يبجّلها مؤيّدوها فقط لانّها تهاجم خصومهم السياسيين، فيضيع عملها في فخ السياسة اللبنانية، كما يحصل دائماً في الدعاوى القضائية.
كذلك نطلب من القاضية عون إذا كانت تملك التقارير المدقّقة للمصرف المركزي لشركتي «ديلويت اند توش» و«ارنست اند يونغ»، ان تنشر هذه التقارير كاملة، ليطّلع عليها الشعب اللبناني كله. عندها ستحظى بدعم شعب بكامله ينتظر ان يعرف من نهبه. فليس من المقبول ان تبقى هذه التقارير سرّية بعد ما تعرّض له لبنان، وان ننتظر تسريباً من هنا او من هناك، كما حصل في تقرير العام 2018 الذي حصلت عليه صحيفة الـ«واشنطن بوست».