رسالة هلا اليمن إلى النساء: لا تستسلمنَ للواقع المعيشي مهما كان صعباً ومريراً الصيداوية سائقة الـ “توك توك”… تريد العيش بكرامة ولا تُقلّ إلا النساء!!
كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
أجبرت الأزمة الإقتصادية الخانقة التي يعيشها لبنان منذ سنوات والتي تعتبر من الأسوأ في تاريخه الكثير من النساء على الانخراط في سوق العمل رغم انعدام الفرص بسبب ارتفاع نسبة البطالة، غير أن نساء عديدات ابتدعن أفكاراً جديدة لتأمين لقمة العيش ومساعدة عائلاتهن في توفير المصاريف المالية، كاسراتٍ تقليداً لم يكن من قبل مألوفاً.
الصيداوية هلا محمد اليمن واحدة من هؤلاء النساء، عاكستها ظروف الحياة، ولكنها قررت عدم الاستسلام بل تحدي كلّ الصعوبات المعيشية والاجتماعية بعدما أصبحت مطلقة بلا معيل، وفي رقبتها إعالة ثلاثة أولاد فانخرطت في سوق العمل إلى ان استقرّ بها الحال سائقة «توك توك» بالأجرة في ظاهرة نادرة في صيدا ومنطقتها.
وتعيش اليمن (40 عاماً) مع عائلتها المؤلفة من ثلاثة أولاد: رأفة (23 عاماً) وهي تعاني من داء السكري ولم تستطع إكمال تعليمها المهني بسبب قلة الحيلة، محمد (21 عاماً) وقد درس الفندقية لمدة عام وهو يعمل مياوماً على الكورنيش البحري بإركاب المتنزهين على الحصان، وأسامة (18 عاماً) وما زال يكمل تعليمه المهني بانتظار الفرج القريب.
وتقول اليمن لـ «نداء الوطن»، العمل ليس عيباً أو حراماً طالما هو شريف وبعرق الجبين، بعد طلاقي وجدت نفسي بلا معيل، فقررت النزول إلى سوق العمل، عملت في مصبغة لتنظيف الملابس لمدة عامين ونيف، ومع الأزمة الاقتصادية وارتفاع سعر صرف الدولار وتفشي جائحة «كورونا» أصبحت عاطلة عن العمل، ولدي منزل مستأجر بمليوني ليرة لبنانية في حارة صيدا، وأعباء ثمن أدوية شهرية لابنتي رأفة التي تعاني من السكري، إضافة الى مصاريف أولادي والطعام والشراب.
وأكدت أن فكرة العمل على «توك توك» جديدة ونادرة في صيدا، وقد شجعني عليها أولادي بهدف تخفيف مصاريف التنقلات، فبعت الحلى واشتريته بثلاثة آلاف دولار أميركي، وبدأت العمل بالأجرة وبسعر أرخص من «التاكسي» لأجذب الركاب، كنت أتقاضي عشرين ألف ليرة لبنانية، ومع غلاء البنزين أصبحت 25 ألف ليرة لبنانية، علماً أنني لا أنقل إلا السيدات فقط، وقد بات لدي زبائن من السيدات، لأنهن يثقن بي والأهالي يشعرون بالأمان معي في ايصالهن إلى الأماكن التي يُرِدن وهي محصورة في المدينة ومنطقتها فقط.
ولا تُخفي «أم محمد» أنها تفاجأت بالتشجيع الكبير الذي وجدته من أبناء المدينة وهم يرونها تقود الـ»توك توك»، وعبارات الثناء، تقول العمل ليس عيباً وهو أفضل بكثير من العوز ومدّ اليد وذلّ السؤال، أقسمت على نفسي ألا أطلب من أحد شيئاً مهما كان، وبعرق جبيني سأوفر حياة كريمة لأولادي، حيث إن الأزمة الاقتصاية والمعيشية طاحنة ولم تبقِ للناس الكثير من الخيارات فكيف الحال للنساء العاملات؟.
في المدينة، لم تنتشر ظاهرة العمل على «توك توك» بشكل واسع بين الرجال، ما جعلها مميزة وسط زملائها، تؤكد: «كثيراً ما طلبت منّي الرّاكبات التقاط صورة معي، ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي لسببين، الأول اعتبار الصورة نادرة والثاني مساعدتي في حملة الترويج للعمل»، مشيرة إلى أنها تقوم بجولة بين الحين والآخر في شوارع المدينة لنقل الركاب ولكنها تعتمد بشكل رئيسي على «طلب التوصيل» الخاص تفادياً لصرف الكثير من البنزين.
وتؤكد اليمن أنها ليست منافسة لأحد في العمل، وتقول «كل واحد بياخذ رزقه المقدر له، فيما رسالتي إلى النساء أن لا تستسلمن للواقع مهما كان صعباً ومريراً، يجب خوض غمار التحدي بالإرادة والعزيمة القوية، وأدعو الله ان تكون هذه السنوات العجاف قصيرة لتعود الحياة وتنتظم من جديد كما كانت، وبالشكر تدوم النعم، أشكر الله على كل شيء».
المصدر: نداء الوطن