اخبار محلية

محمد عفيف في تكريم اللقاء الإعلامي الوطني : نحن على موعد تحرير الثروة الوطنية الدفينة في بحر لبنان فلنكن مستعدين لهذا ‏الفرح العظيم. ‏

بحضور شخصيات سياسية وديبلوماسية وفعاليات من المنطقة وحضور اعلامي اقامت عضو اللقاء الإعلامي الوطني المحامية سندريلا مرهج عشاء تكريميا لمسؤول وحدة العلاقات الإعلامية في حزب الله الحاج محمد عفيف تكريما لجهوده في مواكبة المسيرة الإعلامية التي تشكل جزأ مهما واساسيا من المواجهة مع العدو الصهيوني لا سيما في ظل معركة تحرير الحقوق النفطية والغازية للبنان .وقد القت المحامية مرهج كلمة باسم اللقاء الإعلامي الوطني تلاها كلمة للضيف المكرم الحاج محمد عفيف وقد جاء فيها :

أثقلت عليّ سندريلا مرتين، الأولى عندما دعت هذا الجمع الغفير وقد كان ظنّي أننا عشرون نفراً أو نزيد ‏قليلاً، نأكل بعضاً من الطعام ثم لا نلوي على شيء، والثانية عندما تمنت عليّ أن أقول بضع كلمات ‏فزادتني حرجاً وفيكم السادة النجباء والوزراء الأعلام وأهل الفكر والرأي والقول، وأنا من صنفٍ من ‏الناس إذا صعد المنبر ارتج عليه، فإن كان التكريم لشخصي فأنا الأقل بينكم وقد كان علماءٌ في النجف ‏الأشرف وجبل عامل إذا صنّف أحدهم كتاباً وضع عليه قبل اسمه صفة الأقل والأحقر، وإن كان التكريم ‏لمنصبي فأنا مع الشاعر القائل “وأعز ما يبقى ودادٌ دائمُ إنّ المناصب لا تدوم طويلا”، وإن كان التكريم ‏لهذه المقاومة الشريفة فهي أهلٌ ومحل. ‏
لماذا؟ أنا من جيلٍ ينبذ الأنا ويُحبذ (نحن)، يحجب الفرد ويظهر الجماعة، يقدم صدقة السر على زكاة ‏العلنية، أنا من جيلٍ مضى نفرٌ غير قليلٍ منه شهداء، وكلما سرت في تشييع شهيد حسبتني هو. عندما نزل ‏السيد عباس عن منبر النادي الحسيني في جبشيت ولما يكتمل بناؤه بعد، وألقى على الناس سلام مودعٍ، ‏اختصني – وقد كان لي محباً وعليّ مشفقاً – بأن دعاني للصعود معه في سيارته ننزل سوياً إلى بيروت ‏بعد جولة قصيرة على مثوى الشهيد الشيخ راغب ومنزل عائلته ومنزل الشيخ عبد الكريم عبيد وقد كان ‏أسيراً، وافقت ثم تمنعت، ثم وافقت ورفض مرافقوه، وغادر جبشيت إلى تفاحتا حيث مكمنه، وغادرت ‏أنا في طريقٍ قريبٍ آخر، وما هي إلا دقائق بعد ذلك حتى استشهد، فذهبت نفسي حسرات، ولو أن قمري ‏قد اكتمل في تلك الساعة، لكانت شهادة حمراء عزّ نظيرها واسمي في عليين، وروحي في الشهداء، ‏ونفسي في السعداء، وبقيت أُغالب هذا الألم سنيناً طوال، أن قد ضاعت الفرصة حتى عوضنا المولى ‏بالموت الكرامة، وعوضنا بالشهادة الانتصارات وأعزّنا بأن كلما غاب منا سيدٌ قام سيد. ‏
قبل ذلك في سنوات، كان قد تمّ تكليفي مسؤولاً إعلامياً في جبل عامل، وقد كانت وظيفتنا آنذاك تقتصر ‏على تنظيم الاحتفالات وتشييع الشهداء وتعليق اليافطات ولم يكن لنا صلة بكتابة البيان السياسي الذي كان ‏ولا يزال يصدر حصراً من بيروت، وفيما نحن بعد التحرير الأول عام 1986 نُقيم احتفالاً لشهداء بلدة ‏دير قانون النهر حتى أُخذ القرار بالإعلان ذلك المساء عن الشهيد أحمد قصير بطل العملية الشهيرة التي ‏أذلت إسرائيل، وقد تداعى عدد من مسؤولي المقاومة ومن بينهم اليوم اثنان من أرفع قادة المقاومة على ‏الإطلاق خبرةً وحنكةً ومعرفةً أن طلب إليّ إعداد بيان الإعلان الأول من نوعه عن تبني المقاومة ‏الإسلامية والإفراج عن اسم الشهيد الذي ظلّ طي الكتمان سنوات خيفةً على عائلته وبلدته. واجتمعنا ‏حرفياً على حافة الرصيف وبين يدي دفتر مدرسي – ولم يكن لدينا في ذلك الوقت بالطبع لا تلفزيون ولا ‏إذاعة ولا كمبيوتر – وعندما بدأت بالكتابة مزقت الصفحة الأولى إذ بدا لي ما أكتب غير مقنعٍ بالمرة ثم ‏مزقت الثانية قبل أن ينفجر إخواني من الغيظ وهم متجمعون فوق رأسي بالمعنى الحرفي للكلمة أن عجّل ‏قبل انتهاء الاحتفال، وفي أقل من ثانيتين لمعت في ذهني عبارة فاتح عهد الاستشهاديين التي باتت ‏متلازمة أيقونية مع تاريخ المقاومة، وبعد ذلك بات إعداد البيان على الصفحة المدرسية مسألة ثوانٍ ‏معدودة قبل أن يتم إذاعتها على منبر النادي الحسيني، والباقي تاريخٌ تعرفونه ولا ريب. ‏
كثيرٌ من أمثال هذه الصور مرت في بالي عندما كُلّفت بعقد المؤتمر الصحفي في العشرين من حزيران ‏الماضي إيذاناً بالأربعين ربيعاً، كان تتراءى لي طيفٌ ماضٍ غير بعيد وحاضرٌ مستدام، وكانت تتراءى ‏لي ملامح مستقبل واعدٍ مليء بالنصر. ‏
في الماضي معاناة التأسيس وصعوبات الأيام الأولى وقلة ذات اليد والإذلال على الحواجز وظلم ذوي ‏القربى ويتخطفنا الناس من حولنا والتجاهل والإهمال العمدي، وكنت أجول على وسائل الإعلام حيناً ‏حتى نقنع بالموافقة على نشر بيان باسم المقاومة الإسلامية وكان أساطين تلك المؤسسات ينظرون إلينا ‏شذراً واستخفافاً، كانت غربة قاسية طبعت ملامحنا إلى حدٍ بعيد، وظلماً لا حدود له واليوم هي قوة محلية ‏ونفوذٌ متسع ولاعبٌ على مسرح الإقليم بدور لم يكن يتوقعه أحد والأهم جيلٌ شاب ينظر إلى المستقبل ‏وخلفه خبرة السنين تظلله رايات النصر ويكاد من شدة شوقه يعبر الأسوار إلى الجليل، وليس عن عبث ‏أن المشهدية التي ربما شاهدها أغلبكم ابتدأت بمعاناة الاجتياح وانتهت بسلام يا مهدي وفي الخلفية صورة ‏القدس في رابطٍ وجداني عميق بينما كنا وبينما نأمل ونريد. ‏
تعرضت هذه المقاومة للتشويه والإساءة والإجحاف والظلم. لسنا ندعي أبداً العصمة. نحن بشرٌ خطّاءون ‏وخير الخطّائين التوابون ونجري على مسار أيامنا نقداً لكل ما مرت به مسيرتنا وتقويماً متواصلاً لعملنا ‏وندرس الأحداث ونستقرئ العبر والنتائج ونحاول ما أمكن إصلاح ما يمكن، ومع ذلك فإن الإساءة بلغت ‏حداً كبيراً فلو أن هناك قضاة وقانون لكتبوا لنا صك براءة وإنصاف ولكن هيهات في بلد الطائفية ‏والصراع الأبدي أن نكتب تاريخاً واحداً فكيف نختلف على شهيد مات دفاعاً عن هذه الأرض ومن أجل ‏هذه الأرض التي أحبها وأحب شعبها ودُفن في ثراها، أنتجادل على وطنٍ نهائي لجميع أبنائه وقد طوينا ‏هذه الصفحة نهائياً ومنذ الإمام الصدر إلى الإمام نصرالله، قلت في معرض الجدل والمحاججة ليس إلا أن ‏لبنان مدفنٌ نهائي لشهداء المقاومة وليس لنا من مدفنٍ سوى هذه الأرض الطاهرة المقدسة إلا من عصفت ‏الرياح بجسده تحت رمال الصحراء. ‏
أعود وأقول وقد استطردت لقد تعرضت هذه المقاومة لحملات إعلامية متواصلة من مؤسسات أكبر من ‏دول، ولكن وقد أنفقتم الكثير واشتريتم الذمم والضمائر والأقلام وأبدعتم حقاً في استخدام التكنولوجيا ‏ووسائل الاتصال: هل أضعفتم المقاومة؟ كلا، وقد باتت أقوى عدةً وأكثر عدداً. وهل فصلتم بينها وبين ‏شعبها وقضاياه؟ كلا، وهو إلتزامٌ ثابت متبادل لا رجعة عنه. هل أثرتم على خياراتها المصيرية ‏وقراراتها السيادية؟ كلا. وهل تراجع دورها المحلي والإقليمي؟ تعلمون أنه عبثٌ وارتزاقٌ غايته المال ‏والاستزلام، بلى لأكن منصفاً معكم لقد استطعتم أن تبعدوا جزءاً من اللبنانيين أن يكونوا إلى جانب ‏إخوانهم اللبنانيين وألقيتم على مسامعهم وقرا وعلى أعينهم غشاوة فهام بعضهم بمعاداة المقاومة وأهلها ‏وهم إخوانكم. من المستفيد الأول من نجاحكم المؤقت هذا؟ إسرائيل لا لبنان ولا اللبنانييون ولكني كلي أملٌ ‏أن ينقضي ليل الافتراءات ويطلع نور الحقيقة. ‏
لقد اتصفت هذه المقاومة الحكيمة والمظلومة بالسِعات الثلاث: بسعة صدرها إذ استوعبت اختلاف ‏أصدقائها وحلفائها معها وحولها، وبسعة قلبها فاحتملت حتى الذين ناصبوها الكراهية والعداء وبقيت ‏تنظر إليهم إما أخٌ لك في الدين أو شقيق في الوطن، وسعة في اليد ما استطاعت إلى ذلك سبيلا يحدوها ‏واجب خدمة شعبها من كان وأينما كان دون أن تعرف اليد اليسرى ما أنفقت اليمنى. ‏
ويا إخواني أعضاء اللقاء الإعلامي الوطني وقد كان دوركم على مدى السنوات الأربع الماضية كبيراً ‏وهاماً إلى جانب المقاومة في كل موقفٍ احتاجكم أو ارتأيتم أن تكونوا فيه فسلام عليكم وشكراً لكم وما ‏ينتظركم أكبر وأسمى. ‏
أقول لإخواني الإعلاميين وخاصة أعضاء اللقاء الوطني الإعلامي
لئن كان أيار 2000 عيداً للتحرير الأول وآب 2017 عيداً للتحرير الثاني فإنا على موعد يرونه بعيداً ‏ونراه قريباً مع عيد التحرير الثالث: تحرير الثروة الوطنية الدفينة في بحر لبنان فلنكن مستعدين لهذا ‏الفرح العظيم. ‏
بقي أن أختم بالشكر على سمو معنى ما أقدمت عليه المحامية اللامعة سندريلا مرهج العضو المؤسس في ‏اللقاء الوطني الإعلامي فأضافت إلى الحفاوة وكرم الضيافة فكان لاختيار البقاع مكاناً لهذا الجمع مغزى ‏راقياً من هنا انطلقت المقاومة حرفياً وعملياً وللبقاع على كل لبناني دين وهنا في البقاع الجميل الوفي ‏الحبيب مختبر حقيقي لوحدة اللبنانيين أجمعين مسلمين ومسيحيين في وطنهم الذي لا ثاني له. ‏

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى