ينامون ويستحمون في العراء… عن مشردين يمضون حياتهم تحت جسور لبنان!! ( نداء الوطن)
كتبت نوال نصر في “نداء الوطن”:
حين نُصغي الى فيروز وهي تغني “على جسر اللوزية تحت وراق الفيّة هبّ الغربي وطاب النوم وأخدتنا الغفوية” يحلو لنا أن ننسحب من أمكنتنا ونغادر صوب جسر اللوزية لكن، ماذا لو لم يكن أمامنا، بجوارنا، تحتنا، سوى جسر الفيات؟ هناك، تحت جسر الفيات، حكايات. هناك المشرد الذي ذاع صيته، بائع الكتب، الذي حرق مجهول كتبه وقلبه، وهناك عائلة تعيش في “فيات” الجسر، وهنالك من يأتون بكراسيهم البلاستيكية ويمضون ساعات “بيك نيك” “تحت الجسر” أو يتنزهون تحت فيئه. فهل صدّق هؤلاء مقولة إسحاق نيوتن “نحن نبني الكثير من الجدران والقليل من الجسور” ونزلوا يوآزرونه في فتح الجسور ومداها لحيوات وأشكال وألوان؟ الساسة هم أنفسهم في كلِ مكان، يعدون ببناء الجسور حتى لو لم يوجد نهر تحتها. هذه حال الناس أجمعين. هذه حال المشردين الى أي أمة إنتموا. لذلك نجد الفقراء الضعفاء مشلوحين تحت الجسور وكأنهم يبعدون عن أنفسهم الوحدة حين يسكنون تحتها ويحطمون واقعاً وقدراً. إنهم الأحياء تحت جسور لبنان. إنهم سكان الجسور. جسور لبنان كثيرة. جسر اللوزية واحد منها. وفيروز وحدها تعرف أين هو. نبحث عنه فنجد جسر القعقعية والخردلي والليطاني والمديرج والدامور وجسر القاسمية وفؤاد شهاب وطيرفلسيه ودير الزهراني ووادي الزينه والنمليه وجسر المطار والكوستابرافا وأبو زبله والرام وجدرا والأنصاريه والجيه وأسير والرميله وعلمان ويونين والمعاملتين والكازينو والمدفون والمدهون والبرباره وجسري الكولا والبربير والقاسميه والدامور والقاضي وجسري الدوره والفيات… لكن عبثاً نبحث عن جسر اللوزية. جسر الدورة فلنكتفِ بحياة سكان جسور بيروت. نمر جنب جسر الدوره. نتمهل. نقف. هنا كان العمال الأجانب مشلوحين في ما مضى تحت حناياه. اليوم يبدو مسوّراً بشباك حديدية عالية وبعض عسكر لبناني يشغلون حيزاً منه. هناك جنود وإسمنت ملون بالعلم اللبناني. وعلى بعد أمتار نسوة يجلسن على كراسٍ بلاستيكية وكأنهن ينتظرن من يقلّهن الى مكان ما. ونرى نفايات مبعثرة يعجز على ما يبدو عمال النفايات عن اختراق الحديد العالي لرفعها. تخلص الجسر من مشرديه. نتابع الى جسر البربير. زحمة ناس ودراجات نارية ووجوه وأقدار. نعبر الى جانبه ولا نرى إلا من اختاروا ان يستريحوا في جنباته بلا هدف ونلاقي باعة كم لوح شوكولا رخيص ودبكة وبعض علكة غندور على طاولات بسيطة. هؤلاء اختاروا أن يبحثوا، بالسراج والفتيلة، عن وسيلة بقاء. نتابع نحو جسر الكولا. زحمة لامتناهية. نقف جنب الجسر ونتلفت يميناً ويساراً. نبحث عن الأحياء تحت الجسر. ولدٌ مشلوح تحت فيء شجرة يبتسم. ورجل يرش من غالون المياه حوله. هو يمضي نهاراته هنا ويعود ليلاً الى تخشيبة يسكنها ليلاً. هو لبناني الجنسية لكنه “مقطوع” ليس له أحد. لا رفيق ولا قريب. وسقف الجسر أضحى سقف بيته وتحت الجسر ملاذ يرى فيه مساحته الحرّة فيتسلى في مشاهدة “الرايح والجايي” ويقرأ نمر السيارات وحين يملّ يستلقي على عشب متشاركاً المطرح مع قطط وكلب شارد. هو مواطن ثائر يضع الى جانبه عبارة “حقي في الحرية حقي في الحياة”. نبحث عن سوري كان يرسم تحت الجسر، كان يرسم الوجوه هناك مقابل حفنة متواضعة من الليرات. بحثنا كثيراً ولم نجده. لقراءة المقال كاملًا: https://www.nidaalwatan.com/article/112113
المصدر: نداء الوطن