اخبار محلية

المعلّم الثمانيني “سليمان الرواس” آخر قشّاشي صيدا: لم أندم على احتراف المهنة وقد علّمتها الى ولدي كي يحافظ عليها كتراث وطني يجب أن يبقى على قيد الحياة

كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”: يحافظ المعلّم الثمانيني سليمان خضر الرواس، آخر قشّاشي صيدا على حرفته من الاندثار والنسيان معاً، يقبض بيديه على عيدانها الطرّية ليُشكّلها على طريقته الخاصة أشكالاً تقليدية ومبتكرة، لتصبح قطعاً نادرة تخطف الأبصار، إذ يحفظ أسرارها عن ظهر قلب، بعدما بدأ كهاوٍ بشراء الكراسي القديمة وتجديدها، مع إضافة لمساتٍ فنّية إليها، فسرعان ما أصبح محترفاً وأحد الخبراء القلائل فيها.

يفتخر الرواس بأنّه آخر الرعيل الأول، يبلغ من العمر 82 عاماً وقد أمضى 50 عاماً ونيّفاً في المهنة التي احترفها قليلون لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة ومن أبرزهم المعلم مصطفى الأرناؤوط الذي تقاسم معه الشهرة والرزق، قبل أن يرحل تاركاً فراغاً كبيراً.
في محترفه المكوّن من محلّين ومستودع قبالة مستشفى «دلاعة»، يراكم الرواس أشغاله بكلّ تصاميمها ومقتنياتها، تتحوّل شاهداً على عمله منذ 50 عاماً وكل ما شغلت يداه، يحضر يومياً إليه ليس لكسب العيش فقط وإنّما لمواصلة حرفته وإبقائها على قيد الحياة. يقرّ أنّ الإقبال على شراء المقتنيات تراجع كثيراً وخاصة بعد بدء الأزمة الاقتصادية، «ولكنني أعتمد على القطع النادرة والجميلة لتعويض البيع، وعلى إعادة تأهيل القديم، كثر يقصدونني فأقوم بالصيانة وأهمّها تبديل المكسور منها، وغسلها بالمياه وطلائها بمادة خاصة مع إضافة لمسات فنّية جديدة لإعادة الحياة والنضارة اليها.
أحبّ الحرف اليدوية ولست بحاجة إلى تحقيق الربح لأنني أملك العديد من الأعمال التجارية في المدينة»، هو متخصص بالأسمدة الكيماوية والمنتجات الزراعية. ويستذكر الرواس أنّ الدولة اتّخذت خطوة لدعم الحرفة، من خلال التوصية باستحداث كراسٍ للمقاهي مصنوعة من الخيزران ولما يحويه من فوائد صحّية للإنسان من جهة والمحافظة على تراث المقهى اللبناني الأصيل من جهة أخرى، «لكن اليوم الدولة غائبة والناس يكادون يحتضرون من الفقر والجوع». وهو يتنهّد حسرة على الأيام الخوالي التي كانت فيها المهنة تطعم العسل بشهده»، يختم قائلاً: «لم أندم على احتراف المهنة وقد علّمتها الى ولدي محمود بكلّ أسرارها وأسلوبها وطريقتها كي يحافظ عليها كتراث وطني يجب أن يبقى على قيد الحياة»
المصدر: “نداء الوطن”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى