اخبار محلية

الصيدليات على وشك الإقفال…الأدوية غير المدعومة زادت 13% و”المزمنة” مفقودة!

خرج نقيب الصيادلة جو سلوم في الايام الأخيرة مؤكداً أن “لا اتجاه لإقفال أبواب الصيدليات بوجه أيّ مواطن، ولكن في حال عدم تسليم الدواء للصيدليات فقد نضطر إلى الإغلاق قسراً بسبب عدم توافر الدواء”.

هذه المشكلة ليست وليدة اليوم، فأزمة الدواء في لبنان عمرها من عمر الأزمة التي نشأت في الربع الأخير من العام 2019 ودخول البلاد في أزمة شح الدولار وبدء مصرف لبنان عملية “تقنين” الدولارات لتمويل الاستيراد، وتعديل الحكومة آلية دعم الدواء، واشتدت مع وقف الدعم عن جزء كبير من الادوية وتراجع المبالغ المخصّصة لدعم استيراد أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية إلى نسبة تقلّ ضعفين عن حاجة لبنان، ثم بدأ الشحّ يتحول من سيئ إلى أسوأ. فقد تراجع حجم الأموال التي يخصّصها مصرف لبنان لتمويل استيراد الأدوية المدعومة إلى ما يقارب 25 مليون دولار شهرياً، يضاف اليها نحو 10 ملايين دولار لتمويل دعم استيراد المستلزمات والمعدات الطبية، في وقت يؤكّد نقيب مستوردي الأدوية كريم جبارة أن “المعضلة تكمن في أن أدوية الأمراض المستعصية والمزمنة لا تزال مدعومة كلياً أو جزئياً، وقبل الأزمة كانت تكلّف ما يقارب 70 مليون دولار شهرياً، أمّا المبلغ المتوافر اليوم للدعم فيناهز 25 مليون دولار شهرياً، ولا يكفي لتلبية حاجات المرضى، فيما يتوافق مستوردو الأدوية ووزارة الصحة ولجنة الصحة النيابية على ضرورة رفع هذا المبلغ أقلّه إلى 50 مليون دولار.

ولكن، مع تأمين مصرف لبنان 25 مليون دولار شهريا فقط لتمويل استيراد الأدوية التي ما زالت مدعومة كلياً، أيّ أدوية الأمراض المستعصية وتلك المدعومة جزئياً وهي أدوية الأمراض المزمنة، فهي بالتأكيد لا تكفي السوق، ما يعني حتماً تراجع كميات الأدوية المستوردة إلى مستوى لا يغطي الطلب الفعلي في الداخل”. ويعود جبارة ليؤكّد أن في ذمة مصرف لبنان ديوناً للشركات المستوردة للأدوية تقارب قيمتها 400 مليون دولار، مشدّداً على ضرورة أن تسعى الحكومة لإيجاد مصادر تمويل أخرى لاستيراد الأدوية والإبقاء على الدعم لأدوية الأمراض المزمنة والمستعصية التي حُدّدت آلية للاستمرار بدعمها من قِبل مصرف لبنان. أمّا الأدوية التي رُفع الدعم عنها والتي لا يحتاج الصيدلاني إلى وصفة طبية لبيعها للمريض، فهي الأدوية التي تتأثر بسعر صرف الدولار في السوق السوداء. وكان وزير الصحة العامة فراس الأبيض قد أعلن مطلع الأسبوع مؤشر زيادة أسعار الأدوية على سعر صرف 23500 للدولار بعد ارتفاع سعر صرفه في الأيّام الماضية، أيّ بزيادة 13,6 بالمئة على الأسعار، بعدما كان سعرها على أساس سعر صرف 20650 للدولار منذ أشهر، وهذه التسعيرة لا تمس الأدوية المدعومة التي يتمّ بيعها على أساس سعر الصرف الرسمي المدعوم، ما سينعكس ارتفاعاً في أسعار الأدوية غير المدعومة بنسبة تتخطّى 13 بالمئة في الأيّام المقبلة. ويعود جبارة ليؤكّد أنّ الشركات المستوردة مستمرة بتأمين حاجات السوق من الدواء، وذلك بحسب قدرة كلّ شركة وبحسب المخزون المتوافر لديها، مشيراً إلى أن الجميع يعلم محدودية هامش الربح لدى الشركات المستوردة، وقد قامت النقابة بتوضيح هذا الأمر مرارًا وتكرارًا، حيث إنّ هامش ربح المستورد محدّد من قِبل وزارة الصحة كما هي الحال للصيادلة، وهو يراوح ما بين 7.5 و10 بالمئة، ويغطي المصاريف المباشرة وغير المباشرة، إضافة إلى كل المصاريف الإدارية والتشغيلية وغيرها.

ورداً على ما يجري تداوله من أن مستوردي الأدوية استبقوا قرار رفع الدعم عن أدوية الأمراض المزمنة التي لها مثيل مصنّع محليا وتوقفوا عن بيعها، بغية تحقيق ربح عندما يُرفع الدعم، أوضحت نقابة الشركات المستوردة للأدوية وأصحاب المستودعات أن “هذا الادّعاء مستحيل بالمطلق، لأن وزارة الصحة تطبق قرار رفع الدعم عن الشحنات التي تأتي بعد تاريخ صدور القرار، وليس عن المخزون الذي كان موجوداً قبل تاريخ صدور القرار الذي يلتزم المستوردون بيعه إلى الصيدليات على السعر المدعوم جزئياً، وعلى وزارة الصحة التأكّد من هذا الشيء. وقد حصل قرار شبيه في تشرين الثاني من العام 2021، عندما قرر الوزير فراس الأبيض رفع الدعم جزئياً عن أدوية الأمراض المزمنة وطبق القرار على الشحنات التي تدخل لبنان ما بعد 1 تشرين الثاني، والتزم المستوردون هذا القرار وظلّوا يبيعون الصيدليات المخزون الذي كان موجوداً قبل تاريخ تطبيق القرار على السعر المدعوم حتى نفاده”.

بدوره، يؤكّد نقيب الصيادلة أن “المشكلة لم تُحل حتى الساعة والصيدليات لم تتسلّم الكميات المطلوبة من الأدوية منذ اسابيع، وبالتالي لا يمكن أن تستمر في ظل نقص الدواء وبخاصة أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية، إضافة إلى الأدوية غير المدعومة”، معرباً عن أمله في أن “يساهم توقيع وزير الصحة على مؤشر زيادة أسعار الأدوية مع الأخذ بالاعتبار سعر صرف دولار السوق السوداء لدفع المستوردين ومصانع الأدوية إلى تسليم جزء من الأدوية بعدما توقفوا عن تسليم الدواء للصيدليات منذ أسبوعين بسبب الفارق بين المؤشر القديم والجديد لتبقى الأنظار إلى مصير أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية حيث أن الصيدليات شبه فارغة، والصيدلي على تماس مع المريض ولكنه لا يستطيع أن يستحصل على دواء لصيدليته، فيما عاد نقيب الصيادلة ليؤكّد مراراً أن “أدوية الأمراض المزمنة غير موجودة، والنقابة طالبت بمؤشر متحرّك للأسعار، وعندها يكون للمستورد القدرة على تسليم الدواء للصيدليات”، معتبراً أن “الصرخة هي تحذيرية لتوفير الدواء للمريض ولتأمين الدواء للمواطنين بتسعيرة عادلة.

حالياً، يعمل وزير الصحة على التصرّف قدر الإمكان بالمبالغ التي يوفرها مصرف لبنان لتمويل استيراد الأدوية المدعومة ضمن الأولويات التي تحدّدها الوزارة وحاجة السوق، فيما تتجه الأنظار إلى خطوات قد يتخذها الأبيض خلال الأيّام المقبلة قد تساعد المصانع المحلية على زيادة صناعاتها في ظل استحالة زيادة سقف الأموال المخصّصة لتمويل استيراد الدواء المدعوم نتيجة الإمكانات المحدودة جداً بالعملات الصعبة لدى مصرف لبنان. ومن هنا أتت الزيارة الأخيرة التي قام بها الابيض برفقة وزير الصناعة جورج بوشكيان على عدد من مصانع الأدوية للإطلاع على عملية تصنيع الدواء في لبنان وتقييم الوضع وتحديد الحاجات.

دعم الانتاج المحلي
وأمس، أقرّ مجلس النواب القانون الرامي إلى دعم صناعة الأدوية المنتجة محلياً انطلاقاً من أن الصناعات الوطنية ترتقي في معظمها إلى مستويات جيّدة، لا سيّما المنتجات الدوائية، وإن كانت هذه الصناعة تحتاج إلى رعاية الدولة لتطويرها ونموها. ويلحظ القانون في مادته الأولى الطلب من جميع المؤسّسات الضامنة إعطاء الأولوية والمفاضلة للدواء المنتج محلياً واحتساب أسعار الدواء المدرجة في الفواتير الاستشفائية أو الفواتير الناتجة عن العلاجات الصحيّة أو العمليات الجراحية وما يتبعها من علاج، على أساس أسعار الأدوية المنتجة محلياً، إلّا إذا كان سعر الدواء المستورد أقل من المنتج محلياً. ويستثنى من تطبيق هذا القانون الأدوية التي لا تنتج محلياً وتلك التي لا ينتج بديل منها محلياً والتي لا تغطي الكمية المنتجة منها الاستهلاك المحلي.

 

المصدر: موريس متى – النهار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى