اخبار محلية

“مؤشر الفتوش” يرتفع بـ 65% وكلفة افطار اساسي لأسرة من 5 افراد ستصل الى اكثر من 5.5 مليون ليرة خلال شهر رمضان!

نشرت صفحة Lebanon Crisis Observatory at AUB:
قام باحثو مرصد الأزمة في الجامعة الأميركية في بيروت بإحتساب دقيق لكلفة وجبة إفطار مكونة من حبة تمر، حساء العدس، سلطة الفتوش، وجبة ارز مع دجاج ونصف كوب من لبن البقر، وذلك اعتماداً على المقادير والكميات المنشورة في كتاب “ألف باء الطبخ” وعلى أسعار التعاونيات في بيروت. وتم احتساب الاطعمة والكميات لتقدم 1400 سعرة حرارية للفرد كمعدل أدنى لإفطار شخص واحد، علماً أنه يحتاج الى 2500 سعرة حرارية يومياً للحصول على الغذاء الصحي المتوازن (وفق نظام EAT-Lancet diet).
وحيث بات معلوماً أن أسعار السلع الغذائية بشكل خاص تشهد ارتفاعاً خلال شهر رمضان نظراً لزيادة الطلب عليها، تُقدر كلفة الافطار اليومي المؤلف من مكونات وجبة اساسية للفرد الواحد بـ 38,700 ليرة (بناء على أسعار السوق بتاريخ 14 آذار 2022). وبالتالي تحتاج أسرة مؤلفة من 5 أشخاص الى 193,500 ليرة يومياً، والى حوالي 5 مليون و800 الف ليرة لبنانية خلال شهر رمضان هذا العام. وهذه الكلفة لا تتضمن المياه او العصائر او الحلويات، وكذلك لا تتضمن فاتورة الغاز او الكهرباء ومواد التنظيف.
وفي مقارنة مع السنوات الماضية، يظهر الارتفاع في كلفة وجبة الافطار الأساسية خلال شهر رمضان من حوالي 445 الف ليرة عام 2018، و467 الف ليرة عام 2019، و600 الف ليرة عام 2020، ليقفز بشكل تصاعدي الى مليون و435 الف عام2021، والى 5 مليون و804 الف ليرة عام 2022 (راجع الرسم البياني المرفق).
وفي هذا الاطار، قام باحثو مرصد الأزمة بدراسة مؤشر الفتوش وهو يتضمن أسعار 13 مادة تكوّن سلطة الفتوش مع التثقيل المناسب لكل مكوّن له.
وفي نظرة الى تطور “مؤشر الفتوش” منذ 2018 مع محاكاة لما ستكون كلفته في رمضان هذا العام بناءً على أسعار المكونات في اواخر شهر اذار 2022، يظهر ارتفاع المؤشر بنحو 65% هذا العام مقارنة مع العام الفائت، والذي كان قد ارتفع 152% عن عام 2020 كما يظهر في الرسم البياني المرفق. وتقدر كلفة تحضير الفتوش يومياً لعائلة مؤلفة من خمسة اشخاص عند بداية شهر رمضان هذا العام حوالي 24,685 ليرة مقارنة مع 14,985 ليرةعام 2021 وحوالي 5,945 ليرة عام 2020. وبالتالي، ستصل كلفة الفتوش فقط لعائلة مؤلفة من خمسة افراد الى ما يقارب الـ 765,000 الف ليرة خلال شهر كامل، اي ما يوازي 117% من قيمة الحد الادنى للأجور. وكما اصبح واضحاً أن يصاحب هذا الارتفاع الكبير في مؤشر الفتوش تضخماً في اسعار السلع الاخرى التي عادة ما يستخدمها الصائمون في موائدهم الرمضانية، التي بدورها تتأثر أكثر هذا العام نظراً لاستمرار تدهور قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار، والارتفاع المتزايد في أسعار السلع في الأسواق العالمية بسبب تداعيات الحرب بين روسيا وأوكرانيا على سلاسل الإمداد الدولية والتقلبات في سعر الدولار الأميركي عالمياً. وهذا يعني ان اكثرية العائلات في لبنان ستعاني في تأمين السلع والمكونات الاساسية لموائدها خلال شهر رمضان هذا العام.
وسيصدر مرصد الأزمة ابتداء من اول شهر رمضان “مؤشر اسعار رمضان” حيث سيراقب تطور عدد من اسعار السلع الاساسية التي يستخدمها الصائمون في موائدهم، وينشرها بشكل اسبوعي.
وبالمحصلة، ستتكبد الأسر في شهر رمضان هذا العام اكثر من ثمان ونصف (8,6) الحد الادنى للأجور لتأمين افطارها. وتجدر الاشارة الى الوضع قد يكون أصعب في المناطق الطرفية أو المهمشة حيث ترتفع هذه النسب بشكل مضطرد لدى الأسر الأقل دخلاً أي الأكثر فقراً. وأمام هذا الواقع، تتعاظم أهمية تسليط الضو على إجراءات التكيف السلبي مع التضخم المفرط في الأسعار التي ستتبعها العائلات، عبر تخفيض كميات الطعام او الاعتماد على بدائل ارخص كالنشويات بدلاً من الخضار واللحوم، وما سينتج عن ذلك من سوء تغذية. وهذا بدوره يشكل مخاطر إضافية على الصحة العامة للأفراد وللمجتمع، ويزيد من كلفة الطبابة والاستشفاء على العائلات كما على الجهات الضامنة.

إذاً، كيف يحقق لبنان أمنه الغذائي؟ وكيف يحقق الفرد أمنه الغذائي دون مقايضة ذلك بصحته وبسلامة غذائه؟ فمن المؤكد حق كل انسان بالحصول على الغذاء الصحي والسليم والمتوازن، وخصوصاً الذي يعانون من مشاكل صحية تضطرهم الى اعتماد نظام غذائي معيّن. والعدالة الاجتماعية تتبلور أيضاً في حق الجميع للوصول الى الغذاء الصحي والسليم والمتوازن. غير أن هذا الأمر يشكل تحدياً كبيراً نظراً لتضاؤل القدرة الشرائية لشريحة واسعة من اللبنانيين بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية الراهنة.
وبغياب السياسات الحكومية وبرامج الوزارات المعنية، يُنظر الى غياب الامن الغذائي على انه فرصة للقوى السياسية المتعددة لتعزيز شبكاتها الزبائنية من خلال حملات توزيع المساعدات الغذائية التي بدأت تشهدها المناطق اللبنانية المختلفة قبل الانتخابات. وبالمقابل، فإن أحد الحلول هو العمل على نشر الوعي حول كيفية مقاربة الغذاء الصحي للناس. وتشكل هذه الأزمة فرصة لإعادة النظر بنظام الاستهلاك الغذائي الذي يعتمده اللبنانيون بشكل عام، لناحية التوجه أكثر نحو الأغذية النباتية الموسمية ذات القيمة الغذائية العالية، مثل البروتين النباتي والحبوب الكاملة والخضراوات الورقية وغيرها. وهنا، يتوجب على المسؤولين وضع الاستراتيجيات المتكاملة لبناء الاقتصاد المتكامل المتشابكة لبناء الاقتصاد المتكامل من خلال الترابط بين الغذاء السليم وتحقيق الأمن الغذائي والزراعة الصديقة للبيئة، بهدف تقليص الأكلاف المختلفة الآنية والمستقبلية على الناس كما على الاقتصاد الوطني بشكل عام.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى