الاقتطاع في “إعادة الهيكلة” ليس حلاً.. وهنا الخطورة!
كتب خالد أبو شقرا في “نداء الوطن”:
سيبقى الاتفاق مع بعثة صندوق النقد الدولي “حبراً على ورق” إن لم تباشر السلطة بالاصلاحات المطلوبة منذ أيار 2020، تاريخ أول اجتماع مع وفد الصندوق. إلا أن هذه الإصلاحات التي لم تتغير، سقط بعضها بمرور الزمن وتمييع الملفات، وأصبح يتطلب مقاربة مختلفة. فالشرط الاول المتعلق بإعادة هيكلة البنوك في الاتفاق مع بعثة الصندوق تضمن تمهيداً لـ”هيركات” على الودائع. إلا أن “ما لا يلقى آذاناً صاغية هو أن الاقتطاع في عملية إعادة الهيكلة لا يؤدي إلى حل”، برأي الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود، و”لو كان كذلك لمثّل الطريق الأقصر والأسهل لمعالجة هذه الأزمة”.
ينطلق حمود من مقاربة بسيطة تفيد بانه لو سلّمنا جدلاً بأن “الهيركات” بلغ 70 في المئة، فهل تستطيع البنوك إرجاع نسبة الـ30 في المئة المتبقية؟ توازياً، هل الهيركات المطبّق حالياً بنسبة اقتطاع تصل إلى 85 في المئة أخرج القطاع المصرفي من أزمته؟ الجواب: طبعاً لا. وسيبقى كذلك طالما لا يتم إرجاع الودائع في وقتها. فالمهم هو “حفظ الحقوق أولاً، ومن ثم البحث في كيفية إعادتها”.
وعليه، يقول حمود إن “الخلاف مع وفد صندوق النقد، منذ كنت عضواً في فريق المفاوضات هو عدم صحة الطلب بإعادة هيكلة القطاع العام والمالية العامة والدين العام على حساب المواطنين. فعدا عن أن القانون لا يسمح بذلك، فان تخفيض الدين العام إلى 35 مليار دولار بالعملة الأجنبية وحوالى 2 مليار دولار بالليرة اللبنانية، وتذويب الودائع لردم الفجوة في مصرف لبنان ستكون له ارتدادات سلبية على تدفق الودائع في المستقبل، وسيحرم البلد من فرص النهوض والتعافي”. وبحسب حمود فإنه “حتى لو نجحت المصارف في تخفيض عددها ورسملة نفسها ستبقى منفّرة للمودعين في حال تطبيق مثل هذه الإجراءات ولن تحوز ثقتهم. فإعادة الهيكلة تبدأ بحفظ كامل حقوق المودعين وتحرير المصارف من كامل التزاماتها وإعطائها رخصة جديدة بشروط ومعايير جديدة دولية. وهذه الشروط تنطلق من مقررات “بازل” و”حبة مسك” فوقها. فإذا كان بازل يطلب نسبة ملاءة 10.5 في المئة فتكون 18 في المئة. وإذا كانت السيولة المطلوبة 100 في المئة فنجعلها 150 في المئة، وإذا كانت الرافعة 3 في المئة فتكون لدينا 10 في المئة. وذلك ليتبين العالم بأسره أنه لدينا مصارف بمعايير دولية ليتشجعوا على إعادة وضع الودائع”
خطورة ما يجري لا تقتصر على خسارة المودعين ودائعهم فحسب “إنما أيضاً خسارة أي إمكانية بعودة التدفقات النقدية إلى القطاع المصرفي اللبناني”، من وجهة نظر حمود. فلبنان الاغتراب وحده ينتج ما لا يقل عن 30 مليار دولار سنوياً، لن يصل منها “سنت” إلى لبنان ما لم تعد الثقة بالقطاع المصرفي على أسس سليمة وعلمية بعيداً عن السطو على الحقوق.