قمر الأربعين “رضوان”….حكاية الشهيد “حسين حمود”

لمى حيدر
أجمل الأمهات التي انتظرت ولدها…وعاد مستشهدًا
هناك، في إحدى ساحات النصر التي يتحدث من خلالها سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، رأيت أمًّا مستبشرة ترفع صورًا لشهيدها “قمر الأربعين” (رضوان)، الشهيد حسين حمود. فأقبلت نحوها، وهي تنظر إليّ، وكأنها تقول لي هذا “قمري” الذي بيّض وجهي عند السيدة الزهراء (ع). إنها الكاتبة الحاجة ولاء حمود، ومنذ ذلك الوقت، قررت أن أحاورها لكي تروي حكاية شهيدها البطل “حسين حمود”.
بدأت حواري ببعض الأسئلة، عن تاريخ التحاق الشهيد بالمقاومة وما كانت ردة فعلها، وكيف تلقت خبر التحاقة، وعن بعض الذكريات له.
وبدأنا برواية المقاوم حسين حمود. هو من مواليد ٢٠ شباط ١٩٩٥، واستشهد عند عمر العشرين ربيعًا وثمانية أشهر بتاريخ ٢٠١٥/١١/٣٠
التحق بالمقاومة وكان يبلغ الأربعة عشر عامًا، وكان حينها قد نال الشهادة المتوسطة، وهو ينتمي إلى بيت مقاوم، فوالد الشهيد “أبو حسن” ، كان مجاهدًا وأسيرًا سابقًا، من أسرى معتقل الخيام، ووالدته كاتبة بكل نبضة قلب، ورغبة قلم لديها هي للمقاومة.
وعند سؤالها عن ردة فعلها، على خبر التحاق الشهيد بالمقاومة، قالت بأنها تلقت الخبر بسرور وفرح، وقد سهلت له الأمور للدورة الأولى من التدريب العسكري، وحضّرت له الأغراض بكل تفاصيلها يومها.
وبدأت تروي ذكرياته التي لن تغيب عن ذهنها في أي لحظة..
بتذكر “إبتسامته الحلوة البسيطة”. وتقول أن إبتسامته كانت نابعة من روحه وإحساسه. وتروي عن أيام طفولته:” بتذكر مرة غرق بالنهر، وفجأة لقيت الموج جايبلي حسين وهوي مغمض عيونو ومسكر تمو. أنا ما قدرت اتحمل، كبيت حالي بقلب النهر وشلت حسين”.
وتروي، قبل شهرين من استشهاده كان يتحدث معها، وتمازحه فتقول له:” الحق عليي لي أنا شلتك من النهر، لو خليتك تغرق شو كان صار فيك.” فأجابها الشهيد: ” بتعرفي يا ماما، شكرا إلك، بشكرك من كل قلبي لأنو شلتيني من النهر، لأنو منعتيني موت غريق عطيتيني فرصة موت شهيد. ”
وتتحدث الحاجة ولاء، عن المرحلة التعليمية للشهيد، أنه لم يكن فاشلًا دراسيًا، لكنه أيضا لم يكن متفوقا.” وتؤكد أنه كان في العمل الميداني العسكري متميز.
وتقول في إحدى المرات، دار حوار بيني وبينه، “قلي علومي أهم من علومك، قلتلو إنو علومي بتحفظ علومك أنت عملت معركة وانتصرت فيها، إذا أنا ما كتبت عنها مين بدو يقراها، مين بدو يعرف فيها إنو حسين خاض معركة وانتصر فيها. علومك بتحفظ وطن، وعلومي بتحفظ إنجازاتك.” وتقص علينا أيضًا من الذكريات، في يوم توقيع كتابها السادس، “بتسابيح شهادة” في مدينة صور، الذي حضره مجموعة من الشعراء والعلماء من مختلف الطوائف، تقول الحاجة ولاء: “طلعت عالمنبر وقدمت التحية إلى مدينة صور، وألقيت قصيدتي وحسين كان عم يصور وخلصت. عم بنزل عن المنبر، ركض لعندي نزلني كأنو عريس عم ينزل أميرتو وحضني وقال، ماما أنا فخور فيكي. ” وكان يكرر حسين كثيرًا قبل استشهاده، وبعد إصابته الكبيرة في إدلب، ويقول للناس “بدي إستشهد “. وروت عندما أحاطوا به الدواعش في معركة إدلب، خاف ولكن خوفه كان إيجابيًا، لأنه في هذا الوقت، قد أصاب ثلاثة أشخاص منهم. وأشارت إلى أنه كان عدّاءًا، وقد حاز على كأسين في الماراتون ضد المخدرات، وماراتون سباق الضاحية.
وعند سؤالي عن الشهيد هل كان متزوجًا، تقول بأنه كان عاشقًا منذ الصغر، ولكنه لم يتزوج، استشهد عاشقا..
وتروي في بدايات التحاقه بالمقاومة، كان يحب جدًا طفلة رضيعة، هي أخت صديقه، واسمها” زهراء” وكان يعتبرها بمثابة إبنة له، لتعلقه بها. وبعد استشهاده، هذه الطفلة طلبت حقيبة له كذكرى منه.
وعندما كان يسألها كيف ستستقبلينني شهيدًا وماذا ستفعلين، فأنا لن أسامحك إذا بدأتي بالصراخ، ممنوع البكاء. فأجابته هي:” سأودعك بأبيات شعر: هذا سماه الحسين.. وهو لي نور وعين، بعد هذا كيف أنسى حين ينهال اللجين.. واللجين دين ربي رحمة منه ودين.”
في اليوم الذي كان من المفترض أن يعود فيه من عمله، قررت الحاجة ولاء الصيام، علّ “حسين” يشاركها مائدة الإفطار. لكنّ القدر، شاء أن يرتقي إلى جنان الخلد مساء الأحد ٣٠ ت٢، فكان خبر استشهاده رشفة الماء الأولى التي أفطرت بها.
كان “حسين” أو “رضوان”، قائد الاتجاه الشرقي للزبداني، وكُلِّف بمهمة أثمرت بنيله تضرّعه، بصرخة تميل للتوسل “يا زينب”.
وعند سؤالي كيف تلقت خبر إستشهاد وما هي الرسالة التي توجهها الى أمهات الشهداء:
الإجابة مرفقة بالفيديو: مونتاج حنين أسامه خليفة
https://youtu.be/C9_bYFGaJUU
أما عن ردة فعل “أبو حسين” المجاهد، تقول الحاجة ولاء أنها انصدمت منه، فهو الذي كان يحثها على ترتيب المنزل دائمًا ويقول لها: “خلي البيت مرتب ونضيف بلكي استشهد حسين.”
ولكن في روضة الحوراء (ع) عند الوداع الأخير، رأت أم حسين دموع زوجها التي لم يقدر “ظلم” معتقل الخيام وسجّانيه على إنزالها، وصارحت قمرها بما رأت.
وداعا” الشهيد رضوان
التدقيق اللغوي: زينب سماحة
موقع بكرا أحلى