“عبد الله عطوي” «الممرض الجوال» بات ملجأ الفقراء…يزورهم في منازلهم لمعاينتهم من دون أن يتقاضى أجراً من أحد
مع أفول نجم «الطبيب العربي»، يسطع نجم «الممرض الجوال». بات الأخير ملجأ الفقراء. يُقدّم الخدمات الطبيّة على أنواعها وبأسعار مدروسة، وأحياناً يقدّمها مجّاناً. إذ لا يتوانى الممرّض عبد الله عطوي عن متابعة المرضى الفقراء. يزورهم في منازلهم لمعاينتهم من دون أن يتقاضى أجراً من أحد. وفي بعض الحالات يقدم الدواء بشكل مجانيّ.
يؤكّد عطوي وقوفه إلى جانب الفقراء في هذه المرحلة، لا سيّما في ملفّ الطبابة، لافتاً إلى أنه «يقوم بواجبه المهني. وضع الناس صعب، والعلاج باهظ».
يحمل حقيبته، ويتنقل بين منزل وآخر، يَعود هذا المريض، ويفحص جرح آخر. يعلّق «مصلاً» لطفل، وينزع «ميلاً» لـ»حاج». إنه زمن الممرّض الجوال. يلجأ إليه الباحثون عن توفير الفاتورة الإستشفائية، فكلفة تعليق «مصل الحديد» داخل المستشفى تصل إلى المليون ليرة، في حين لا تتجاوز الـ400 ألف ليرة في المنزل. هذا التفاوت في الأسعار، دفع الناس لرفع الطلب عليه. تجده غبّ الطلب لأي حالة طارئة، لا يتردد في قصد منزل المريض حتى في ساعات متأخرة، ما يهمّه معالجة المريض والتخفيف من آلامه.
أمّا الممرّض أشرف حمزة فيتنقّل على درّاجته الناريّة لمعاينة المرضى. لا يخفي حمزة «إزدهار عصر الممرّض، لم يعد يقتصر عمله على تعليق مصل داخل المستشفى، وفحص الضغط، على العكس، بات «الكلّ بالكل» هذه الأيام». لا يتوقّف عمله على متابعات مرضيّة سريعة، بل يجلس أيضاً قرب المريض. يقول إنّ «الكلفة تختلف وتصل إلى 12 دولاراً لليلة الواحدة إذا كان المريض قد خضع لعملية جراحية ويحتاج لمراقبة مستمرة. في حين تصل الليلة داخل المستشفى إلى المليون ونصف المليون وربما أكثر».
وفق حمزة «أسهمت الأزمة وارتفاع فاتورة العلاج بزيادة الطلب على الممرّض». لا يهدأ هاتفه، الكل يبحث عن التوفير، فتعليق مصل داخل المستشفى قد يتجاوز الـ900 ألف ليرة. في المقابل لا يتخطّى الـ400 ألف ليرة في المنزل. إرتفعت حرارة إبنها. لم تجد غير أشرف للإتصال به. تؤكد جمال أنّ «الممرض بات رفيق الفقراء ويومياتهم الأليمة.
أعجز عن دفع ثمن المصل أو الحصول على مُخفّض الحرارة داخل المستشفى. الممرّض يحلّ الأزمة». في المقابل، لم تجد سارة غير الممرض لمداواة جروحها «التي تسبب بها سقوطها عن الدرج وإصابتها برضوض».
يحاول حمزة أن يكون إلى جانب الناس في هذه الفترة. بات على تماسٍ مع أوضاعهم، يدرك جيداً، أن معظمهم لا يملك حتى ثمن المصل، لافتاً إلى أنّه «يقدم الخدمة بالمجان لكل الفقراء، لا سيما أهل بلدته كفرّرمان».
وأشار إلى أنه «مع ارتفاع الطلب على الممرّض الجوّال، بات له مكتب، يضمّ عشرات الممرضين لتلبية الحاجات. يتلقى يومياً عشرات الإتّصالات». هذا الواقع بحسب حمزة «يؤكّد حجم الهوّة بين المريض والمستشفى». مشدّداً في المقابل على أن «اللجوء إلى الممرّض لا يعني أبداً التغاضي عن دور ومكانة الطبيب. لكن في هذه الأزمة، بات الممرّض والصيدلي خشبة خلاص للناس».
في الختام، باتت الطبابة في لبنان لمن استطاعَ إليها سبيلاً، ففاتورة الطوارئ وحدها تسبب «الجلطة»، ما دفع الناس للبحث عن بديل يخفّف أوجاعهم الجسدية والمادية. إنّه الممرّض الجوال.
المصدر: آمال جوني – نداء الوطن