بأقلامهم

كيف خفّض الميدان شروط “هوكشتاين” ومتى تستخدم المقاومة مخزون الصواريخ الاستراتيجية ؟

الكاتب عبد الله ذبيان

لم تطل “نشوة النصر” التي حاول الاحتلال الإسرائيلي سحبها على مجريات المعركة التي يواجهها في الشمال على الحدود مع لبنان.
شهر وأكثر من اللحظات العصيبة، لا بل الكئيبة للبعض، وفي وقتٍ اعتبر فيه المراهنون أن استشهاد سيّد الشهداء، ومن معه سيكون ضربة قاضية قاصمة، وظنّ الاحتلال من خلال أحابيله الدنيئة وحربه القذرة أن حزب الله سينهار، لكن ما غاب عن بال الكثيرين في غِمار نشوتهم أن المقاومة مؤسسة منظمة متراصة، وأن روح القائد الأممي الإيقونة تسري في دم كل مقاتل من أهل المقاومة.
“على العدو ومن يقف خلفه أن ينتظرا ردّنا الآتي حتماً إن شاء الله وبيننا وبينكم الأيام والليالي والميدان”، هذه هي المعادلة التي أرساها السيد نصر الله في ذكرى استشهاد القائد فؤاد شكر، ومن وحيها يستلهم مجاهدو المقاومون العبرة، كما تجلى في رسالتهم الأخيرة للبنانيين.
الاطلالة المفصلية للشيخ قاسم
في منتصف الشهر الحالي، أطل نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم معلناً بدء مُعادلة إيلام العدو.. مؤكداً أننا “نحن من سيمسك رسنه ويُعيده إلى الحظيرة”.
وفي كلامٍ يبلسم جراحات جمهور المقاومة أعلن أمام القاصي والداني أن حزب الله استعاد عافيته ورمم قيادته التنظيمية، بحيث لا يوجد مكان شاغر، وحتى هناك بديل في كل مركز”، مشدداً على أنّ “الحزب قوي، والميدان يشهد”.
إطلالة الشيخ قاسم الذي توافق مجلس الشورى على انتخابه أميناً عامّاً للحزب أمس الثلاثاء، كانت بمثابة كلمة السر لاستعادة زمام المبادرة، فرسّخ مقولة أن الكلمة في الميدان للمقاومين، وغدت المفاوضات تسير على وقع الضربات التي يتلقاها ضباط وجنود الاحتلال ، والصواريخ والمسيرات التي تدكّ المقرات العسكرية والمستوطنات.
ملاعب للميادين نت: حزب الله نظّم صفوفه وحمى جسمه العسكري
الكاتب والمحلل السياسي عامر ملاعب يقول عبر “الميادين نت ” “إن المقاومة استطاعت أن تتجاوز الخرق الكبير الذي أصاب جسمها منذ خرق “البايجر” وما بعده لا بل تمكنت من استعادة أنفاسها واستيعاب الضربة الكبرى.
أمّا عسكرياً، “فيمكن ملاحظة أن حزب الله هو تنظيم مرِن استطاع أن يتجاوز استشهاد قادته بشكلٍ سريع جداً وتمكّن من إعادة هيكلة قيادتها وتنظيم صفوفها وحماية الجسم العسكري بالدرجة الأولى وحماية الجسم السياسي بشكل ٍكبير وحماية جمهوره إلى حد كبير، واستطاع أيضاً رد الاعتداء عبر سلسلة الضربات المتتالية التي يتلقاها على الجبهة وبالعمق المحتل”.
ويضيف “من حيث الجبهة، يحكى عن 5 الوية تحاول الدخول الاراضي اللبنانية، لكنها لم تتمكن من الدخول الا بضعة أمتار على قاعدة التصوير والهروب. ولم تتمكن من التثبيت في أيٍّ من النقاط التي دخلتها، وهذا يعد انجازاً كبيراً جداً للمقاومة التي استطاعت أن ترد العدوان وسط حرب ضروس جدا ً وفارق كبير في نوعية الأسلحة والامكانات المادية واللوجستية التي يملكها الاحتلال مقابل المقاومة”.
ويضيف “استطاعت المقاومة أن تثبت وترد الهجوم لا بل أن تكبّد العدو خسائر كبيرة جداً”.
إعلام الاحتلال: نتلقى الكارثة تلو الكارثة
والجدير بالذكر، أن قوة النار الإسرائيلية الهائلة والتكنولوجيا الغربية المعقّدة، لم تمنع مسيّرة المقاومة من الوصول إلى منزل نتنياهو في قيسارية، مؤكدةً القدرة الفعّالة لما تملكه من مفاجآت.
القضية تأتي زمنياً ضمن معادلات الميدان، إذاً تعيش “إسرائيل” من أخمصها المأزوم حتى رأسها الموتور قلقاً، تعكسه المواقف الداخلية والإعلام الإسرائيلي، الذي يتحدث عن صعوبة التصدي لقصف المقرات ومراكز القيادة الاستراتيجية، وبالتالي عدم القدرة على إعادة مستوطني الشمال.
في السياق، دعا عضو الكنيست من “معسكر الدولة” متان كاهانا إلى “عدم الاستخفاف بحزب الله”، قائلاً إنّ الحزب “لديه مسيّرات ذات قدرات ٍعالية تعرف كيف تصل إلى الإحداثيات بشكل دقيق”.

ولعل أهم العبارات التي تشي بقوة وثبات حزب المقاومة، ما قالته القناة 12 الاسرائيلية أننا “لا نأخذ نفسَاً، ونتلقى الكارثة تلو الكارثة”.
العدو لم يتمكن من إحكام السيطرة
غرفة عمليات المقاومة الإسلامية،تؤكد أن “جيش الاحتلال لم يتمكن من إحكام السيطرة أو احتلال أي قرية بشكل كامل من قرى الحافّة الأماميّة، وأنه منذ بدء التصدي البري سقط للاحتلال 90 قتيلاً وأكثر من 750 جريحاً من ضباطه وجنوده”.
وفي الوقت عينه،تقول الغرفة إن القوة الجوية تواصل اطلاق المسيرات إلى عمق وصل إلى 145 كلم حتى الضواحي الجنوبية لتل أبيب، فضلاً عن تحذير المقاومة (وبالعبرية) بإخلاء 25 مستوطنة إسرائيلية في شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة.
لماذا لم تستخدم المقاومة الصواريخ الاستراتيجية بعد؟
يذكّر النائب علي فياض للميادين أن “المقاومة في محطات متفاوتة استخدمت الصواريخ البالستية وهي لا تستهلك مخزونها الاستراتيجي”.
و المقاومة صرّحت علناً أنها تكسب بالنقاط، لأن الضربة القاضية غير ممكنة، وكان هذا أول تصريح لسيد الشهداء خلال عملية “طوفان الأقصى”. اليوم، بعد أن استخدم الإسرائيلي كل أهدافه العسكرية، بدأ يضرب الأماكن السكنية المأهولة ويدمّر مباني مدنية، وبدأ يضغط بالخسائر البشرية على الحزب.
وهذه المؤشرات تعكس إفلاس الاحتلال والحزب حتى الآن، ورغم الضربات التي آلمته، لا يزال يخفي المزيد من قوته لحسم المعركة في اللحظة المناسبة، وهذا يوضع في إطار تكتيك النصر.

الميدان خفّض شروط هوكشتاين
مع كل ما تقدّم يقول ملاعب في جواب على سؤال الميادين نت إن “الميدان سيعكس وضعه على السياسة. وقيل في بداية الحرب أن آموس هوكشتاين المبعوث اللأميركي إلى الشرق الأوسط أقفل الخط باتجاه اي اتصال لبناني حتى من حلفائه والمقربين منه وسعى إلى إرهاب نفسي عبر الضغط على القيادات اللبنانية بقوله إن حزب الله قد انتهىً!
ويكمل “بعد تغيّر الميدان بدأ هوكشتاين يخفض من سقف الشروط وإن بقيت شروطه قاسية جداً وهي فرض استسلام على المقاومة والدولة، لكن الانجازات الذي قامت بها المقاومة فرضت عليه وعلى ادارته إعادة الحسابات. فتدحرجت إلى محاولة فرض الترتيبات الأمنية والعسكرية من خلال الشروط التي وضعتها، لكن لبنان رفض وسارع الاحتلال إلى التصعيد في حملته العسكرية وضرب مناطق ومؤسسات مدنية ومستشفيات”.
النزول عن الشجرة!
“النزول عن الشجرة” بدأ يتجلى والإعلام الإسرائيلي عبّر عن ذلك في اليومين المنصرمين، وهو يأتي على وقع الصمود البطولي والضربات النوعية للمقاومة (وصلت عدد بيانات المقاومة إلى 50 يومياً مع توجيه أكثر من 150 صاروخاً) وهاجس الرعب من ترسانة الصواريخ البالستية لديه، هوكشتاين يتراجع، رغم تصريحاتٍ عالية السقف أحياناً وهي “لزوم الشغل” له كمبعوثٍ أميركي.
اليوم الأربعاء، تحدّث محلل الشؤون العسكرية في صحيفة “إسرائيل هيوم”، يوآف ليمور، عن ضرورة “الانشغال بوقف إطلاق نار في الشمال، على أنّ ذلك ليس أمراً نظرياً، بل لعدم الغرق في المستنقع اللبناني”.
ومن نافلة القول أن المقاومة واثقة الخطى والخطوات منذ البداية، وهذا ما أكده النائب اللبناني في كتلة الوفاء للمقاومة علي المقداد للميادين بقوله “لولا الميدان وقوة الاخوة المجاهدين لما سمعنا كلاما اسرائيليا وأميركيا عن وقف اطلاق النار”.
صمود المقاومة يحتاج إلى دعم داخلي
“بنك الاهداف التابع للاحتلال نفد، ولم يعد لديه أهداف عسكرية. وبالتالي نحن نعيش معركة عضّ أصابع تحتاج إلى تحمّلٍ كبير جداً من المقاومة وأهلها، ومن الدولة اللبنانية، فالمعركة معركة إرادات على ما يبدو”، يقول ملاعب.
وينهي قائلاً “الصمود يحتاج إلى دعم من مختلف الجهات الداخلية والقوى السياسية. حتى الآن تمكنت المقاومة من الصمود وهذا الأمر مرهون “بالأيام القادمة”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى