قبيل التكليف.. #ميقاتي: “مرتاح مع نفسي لأنني أعرف حقيقة حجم الأزمة.. وإذا كان هناك من يرغب بحمل هذه الجمرة صحتين على قلبه وأنا أدعمه”
كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:
عشية الاستشارات النيابية الملزمة، تبدّل المشهد نسبياً. اذ بينما كان يُنتظر أن يكون نواف سلام مرشّح قوى المعارضة، وفي طليعتها «القوات» ونواب «17 تشرين»، كان «اللقاء الديموقراطي» أول المندفعين تجاه تكليف السفير السابق، مع أنّ «الجنبلاطيين» شركاء نجيب ميقاتي في حكومة تصريف الأعمال وقد رجحت المؤشرات السابقة أن يكرروا التجربة، فيما فضّلت «القوات» إهمال ورقة نواف سلام، على غرار المرة الأخيرة أيضاً، لاعتبارات تبدو مرتبطة بحكومة ما بعد الاستحقاق الرئاسي وبالخصومة الشرسة مع رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل بهدف انتزاع بطاقة التسديدة الأخيرة منه، مع أنّ رئيس الحزب سمير جعجع أعادها إلى الضبابية في سلوك المرشح المفترض، متسائلاً: «كيف يُنتظر منّا أن نكلف شخصاً لرئاسة الحكومة ونحن لا نعرف ماذا سيفعل ولا يوجد أي طرح أو تصاريح منه».
هكذا، عاد ميقاتي ليكون متقدّماً على غيره من المرشحين المفترضين لرئاسة الحكومة خصوصاً وأن ثمة كتلاً ثابتة على موقفها من ترشيحه، أبرزها الثنائي الشيعي وعدد لا بأس به من النواب السنّة والنواب المستقلين، ما يسهم في عودته إلى السراي الحكومي لإدارة المرحلة الانتقالية قبل الدخول في مدار الاستحقاق الرئاسي، الذي ترتفع يوماً بعد يوم، أسهم حصوله في موعده، بتأكيد رئيس الجمهورية ميشال عون الذي لم يتردد في الإشارة إلى أنّ الانتخابات ستحصل في موعدها.
غير أنّ انطلاقة هذا التكليف، ستكون مكبّلة بالمواقف الاستباقية من طبيعة الحكومة المنتظرة. اذ سارع رئيس الجمهورية إلى إعلان تأييده قيام «حكومة سياسية للمرحلة المقبلة، خصوصاً إذا كانت ستواجه استحقاقات وصعوبات. لم يعد في الإمكان القبول بأفرقاء يسمّون وزراء سياسيين، ونحن نسمّي وزراء «تكنوقراط». إما كلها من التكنوقراط وليس على غرار الحكومة الحالية بعض وزرائها مقنّع، أو حكومة سياسية»، فيما ميقاتي سبق له أن صرّح أنّه مرتاح لتجربته مع الحكومة التي ترأسها… فهل سيذهب إلى خيار تأليف حكومة سياسية؟
يجيب ميقاتي في دردشة مع «نداء الوطن» أنّه يرفض أن يكون أسير موقف معيّن، أو «الاقفال على نفسه في قفص مغلق»، بمعنى التسكير على أي خيار، مشيراً إلى أنّ «الظروف والمصلحة الوطنية هما اللتان تمليان عليه طبيعة الحكومة»، ولذا لن يستبق الأمور بتبنّيه «حكومة سياسية أو غير سياسية، وهذا الأمر لن يحصل إلا بعد استشارة الكتل النيابية والنواب المستقلين».
في الواقع، فإنّ مداهمة الاستحقاق الرئاسي، تقضم من المهل السياسية التي عادة ما «تمغط «بين تأليف وآخر. وهو أمر يتوقف عنده ميقاتي مشيراً إلى أنّه يتمنى أن يحصل التأليف في وقت سريع، كما يتمنى حصول الاستحقاق الرئاسي في موعده لتسليم مقاليد السلطة إلى حكومة جديدة.
في الوقت ذاته، يعيد التأكيد أنّ الانسجام كان يحيط بعمل حكومته الأخيرة مشيراً إلى أنّه عايش أكثر من حكومة وثمة مجالس وزراء عابتها الخلافات المستدامة، على خلاف الحكومة الأخيرة التي تميّزت جلساتها بالتفاهم والنقاشات البنّاءة، وبالتالي «قد أطرح تعديلاً لبعض الوزراء والحقائب، ولكنني بشكل عام كنت مرتاحاً في التعامل مع مكوّناتها».
ما الهدف من ترؤس حكومة الأسابيع المعدودة؟
يجيب أنّ الهدف الأساس هو متابعة العمل مع صندوق النقد الدولي مع توقيع الاتفاق المبدئي الذي يعدّ انجازاً مهماً، بغية وضع قطار المعالجات الاقتصادية والمالية على السكة السليمة، وذلك بالتعاون مع مجلس النواب لإقرار القوانين الاصلاحية المطلوبة من صندوق النقد، للدخول في مرحلة التعافي. كذلك يأمل أنّ يبدأ تنفيذ العقد الموقع مع الأردن لاستجرار الطاقة والعقد الموقّع مع مصر لاستجرار الغاز، ووضع دفتر شروط لإطلاق مناقصة عامة للحلّ المستدام للقطاع. ويتمنى الإنتهاء من هذه القضايا خلال هذه المرحلة، مشيراً إلى أنّه سبق له أن أعلن أنّ لمرحلة تصريف الأعمال تفسيراً ضيّقاً وتفسيراً واسعاً، لافتاً إلى أنّه حتى الآن هو ملتزم بالمعنى الضيّق لتصريف الأعمال بحيث يكتفي بالاجتماعات مع الوزراء وتسيير الأمور، ولكن بعد التكليف سينتقل إلى مرحلة التصريف الواسع لتصريف الأعمال ولا يرى أي مانع في حينه من الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء اذا اقتضت الحاجة، خصوصاً لمتابعة ملفَّي الطاقة والتفاوض مع صندوق النقد اذا كان هناك من ضرورة لعقد جلسة.
أمّا بالنسبة لموقف «الحزب التقدمي» الذي «انقلب» على تكليفه، فيشير ميقاتي إلى أنّ علاقة ممتازة تجمعه بـ»اللقاء الديموقراطي» ولذا هو يستغرب «موقفه من التكليف أو حتى من الحكومة بعد دعوتهم «إلى تأليف» حكومة إنتاج وعمل فعلي، لكي تتولى تطبيق الإصلاحات الضرورية ومتابعة مسار التفاوض مع صندوق النقد الدولي، والتصدي للأزمة المالية والمعيشية والاقتصادية وتداعياتها الاجتماعية الخطيرة على المواطنين، وهذا للأسف ما فشلت الحكومة الحالية في تحقيق أي منه»… لافتاً إلى أنّ عدم تكليفه من جانب «اللقاء» لا يُعدّ اشكالية في العلاقة الثنائية أبداً التي ستبقى مستمرة.
أما بشأن التوتر في العلاقة مع باسيل، فيلفت إلى أنّ كرة التوضيح في ملعب رئيس «التيار الوطني الحر»، لافتاً إلى أنّه يرغب «في معرفة ما هي ملاحظات باسيل وانتقاداته ومكامن الانتقاص ضمن الاعتبارات الوطنية».
هل هو فعلاً محاصر؟
يجيب: «بالعكس تماماً، هذه أكثر مرة أشعر فيها أنني محرر، لأنني أقول إني مستعد للخدمة اذا أراد النواب ذلك، واذا رفضوا ذلك، سأحترم قرارهم. مرتاح مع نفسي لأنني أعرف حقيقة حجم الأزمة، واذا كان هناك من يرغب بحمل هذه «الجمرة»، «صحتين على قلبه»، وأنا أدعمه».
أما بالنسبة لموقف المملكة السعودية، فينفي حصول ضغط من جانبها، لافتاً الى أنّه على اتصال مع مسؤولين سعوديين وأكدوا أمامه أنهم لا يتعاطون بالأمر بتاتاً، كاشفاً أنّ السفير السعودي وليد البخاري بصدد العمل على عقد اجتماع الأسبوع المقبل، له طابع سنيّ، من المرجح أن يشارك فيه ميقاتي، يهدف إلى جمع هذه الفاعليات، مع العلم أنّ البخاري شارك في مأدبة غداء أقامها رئيس حكومة تصريف الأعمال في السراي الحكومي تكريماً للسفير الكويتي قبيل مغادرته. هذا وعُقد لقاء منذ أيام جمع ميقاتي ورئيسيّ الحكومة السابقين فؤاد السنيورة وتمام سلام، في دلالة منهم الى حرصهم على ابقاء نادي رؤساء الحكومات السابقين، قائماً.
المصدر: “نداء الوطن ”