إضراب موظفي مستشفى «الحريري»: فصل المستخدمين عن المتعاقدين!
بعد أقلّ من أسبوع يُنهي المعتصمون في مستشفى رفيق الحريري الحكومي شهرهم الثاني من الإضراب، من دون أن يحقّقوا أية نتيجة تُذكر. بالعكس، يبدو أنّ الأمور تتجه نحو المزيد من التعقيد مع تباين وجهات النظر ما بين إدارة المستشفى وما بين العاملين حول مطلبهم الأساسي المتعلّق بحصولهم على بدل غلاء المعيشة (المقرّر للقطاع الخاص في مرسوم سابق صادر عن مجلس الوزراء) المقدّر بمليون و350 ألف ليرة. يحدث ذلك، فيما العمل في المستشفى شبه معطّل مع إقفال معظم الأقسام ومكتب الدخول، باستثناء بقاء الخط مفتوحاً للحالات الطارئة وعلاجات الأمراض السرطانية والمستعصية وغسل الكلى.
هيئة التشريع والاستشارات
طوال الشهرين الماضيين، لم تفلح اللقاءات التي عُقدت بين المعتصمين وبين الإدارة ووزارة الوصاية في الوصول إلى صيغة تُعيد الحياة إلى المستشفى. واليوم، ينتظر الجميع رأي هيئة التشريع والاستشارات «بخصوص صحة استفادة الموظفين والمتعاقدين في مستشفى رفيق الحريري الحكومي من مرسوم غلاء المعيشة المخصّص للقطاع الخاص»، ردّاً على الكتاب الذي أرسلته وزارة الصحة العامة لحسم الجدل. وفي هذا السياق، وبحسب معلومات «الأخبار»، فقد رسا رأي الهيئة على «أحقية حصول المستخدمين في المستشفى على بدل غلاء المعيشة وفقاً للقانون»، فيما اعتبر من الناحية الأخرى أنه «لا يحق للمتعاقدين الاستفادة حكماً وبقوة القانون من الزيادات أسوة بالمستخدمين».
العاملون، مستخدمون ومتعاقدون، ينتظرون من الإدارة ووزارة الوصاية البتّ في القضية، إلا أنهم لم يتلقوا أي إشارة إيجابية حتى الآن «لا من مجلس الإدارة ولا من الوزارة»، على ما يقول أحد أعضاء لجنة المستخدمين في المستشفى. وهم، وإن بدوا «مرتاحين للرأي»، إلا أنّ خوفهم ناجم من سببين أساسيّين: أولهما أن رأي الهيئة ليس ملزماً للإدارة «ويمكن لها أن تدير الظهر له»، أما ثانيهما فهو «في محاولات البعض لأخذ رأي هيئة الاستشارات كمبرر لدبّ إسفين بين المستخدمين والمتعاقدين وتخريب الأهداف العامة للإضراب والخروج من دون نتائج». وبحسب أحد المستخدمين، فإنّ «الإدارة قد تلعب هذه اللعبة وتتذرّع بالقانون»، خصوصاً أنهم يحفظون جيداً ما قاله وزير الصحة العامة، فراس أبيض، في جلسة سابقة معهم حول «التزامه كوزارة بما يقوله القانون». وهنا بيت القصيد، خصوصاً «إذا ما أخذنا بالحسبان أنّ نصف العاملين في المستشفى هم متعاقدون».
محاولات فاشلة للحلّ
يخاف العاملون اليوم من إنهاء الإضراب من دون تحصيل أية نتيجة خصوصاً في ظلّ «السوابق» مع الإدارة. يشيرون إلى محاولات سابقة مع الإدارة للتوصّل إلى حلّ وضمان سير العمل بالمؤسسة من خلال «تأمين مساعدة شهرية ثابتة تساعد الموظف على الحضور اليومي لتأدية واجبه، يكون جزء منها مصروفاً بالدولار الأميركي، خصوصاً أن هناك جزءاً من العاملين والأطباء يتقاضى قيمة معيّنة بالدولار»، لكن «محامي المستشفى نسف هذا الأمر لأنه غير قانوني وأن من يتقاضون جزءاً من رواتبهم بالدولار هم محدّدون ولهم خصوصيّتهم القانونية».
تبع ذلك محاولة أخرى «بالتوسّط لدى الإدارة لسحب الراتب بالدولار من مصرف لبنان على سعر منصة صيرفة، ورُفض المطلب بطريقة مريبة بعدما كانت الإدارة قد وافقت عليه». ثم كانت المحاولة الثالثة بالمطالبة «ببدل غلاء المعيشة فكان الردّ بأن اطلبوا هذا الأمر من الوزارة». ويقول أحد العاملين بأن «الوزارة اقترحت إرسال الكتاب إلى هيئة التشريع والاستشارات ونحن بانتظار الموقف النهائي».
أبيض: الحلّ ضمن القانون
يقول وزير الصحة العامة فراس أبيض إن «لا مشكلة لديه في مطالب الموظفين»، إلا أن مشكلته تكمن في أخذ «ما لا يحق لهم به». ويؤكد في حديث مع «الأخبار» أنه لن يقف في وجه أحد «وليأخذوا ما يريدون إنما ضمن القانون، في نهاية الأمر هذا مال عام ولا يستطيع مدير عام أو وزير أن يقضي ما يشاء»، مكرّراً موقفه «كوزارة، وكنت قد أعلنته أمام الموظفين في مكتبي أنكم أنتم مؤسسة عامة ولديكم الاستقلالية المالية والإدارية، وطالما أنكم تتصرّفون ضمن القانون، فأي حلّ قد تتوافقون عليه أنا موافق عليه أيضاً» نافياً ما يتردّد عن رغبته في العودة إلى إدارة المستشفى وتدخله في قرارات إدارتها الحالية «لن أعود إلى مستشفى رفيق الحريري الجامعي. هذا أمر محسوم. ضميري مرتاح جداً لما فعلته في المؤسسة، فأنا أعرف كيف تسلّمت وكيف سلّمت وكيف كان وضع الموظفين عندما دخلت إليها وكيف أصبح اليوم». أبيض المرتاح لما فعله مع الموظفين، يعدّد «الخدمات» التي قدّمها لهم وللمستشفى مثل خوضه «معركة في مجلس الوزراء من أجل المستشفيات الحكومية التي كانت مستثناة من المساعدة الاجتماعية وأجبرت المعنيين على إعادة دمجها في المرسوم وأمنت أيضاً التمويل حيث حوّل للمستشفيات 14 مليار ليرة لإعطائها للموظفين»، كما عمل على «أن يتقاضوا رواتبهم من دون تأخير وكذلك حصولهم على سلسلة الرتب والرواتب مع مفعول رجعي للوقت». أما من يقول غير ذلك، فهو برأي أبيض «مخطئ».