#عون يتهم #ميقاتي “بالخبث” ويُبلغه شروطه اليوم: بَدء “البازار” الحكومي في #بعبدا !!!

دخلت البلاد في هدنة سياسية موقتة بعد تفاهم «ضمني» بين بعبدا والسراي الحكومي على وقف نشر «الغسيل الوسخ»، الى حين مغادرة من سيحضر من وزراء الخارجية العرب الذين بدأوا يصلون تباعا الى بيروت للمشاركة في الاجتماع التحضيري للقمة العربية يوم غد السبت. غاب الحديث عن الحكومة الجديدة، بعدما دُفنت «حرب» المستشارين المسودة الاولى التي رفعها رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي الى رئيس الجمهوريّة ميشال عون.
«البازار» يفتتح اليوم، لكن اي حكومة لن تمر بسهولة، اذا لم تتطابق مع المواصفات الرئاسية لحكومة ادارة «الفراغ الرئاسي» المحتمل. وما حصل في الساعات القليلة الماضية، انهى ما تبقى من ثقة مهزوزة بين الرجلين، لخصها رئيس الجمهورية بكلام امام زواره اتهم فيه ميقاتي «بالخبث» و «المراوغة». وفيما تحدثت مصادر الرئاسة الاولى عن رغبة ميقاتي في احراج عون لعدم تشكيل حكومة، لانه يريد ان يخلق مناخ عام بان الرئيس يقوم بالتعطيل في نهاية عهده، حصل اتصال بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وتم الاتفاق على عقد لقاء اليوم في قصر بعبدا لإستكمال المشاورات حول الصيغة الحكومية التي قدمها الرئيس المكلّف.
وعلمت «الديار» ان الرئيس عون سيبلغ ميقاتي، «بشروطه» للموافقة على اي تشكيلة مفترضة للحكومة الجديدة، وهي لا تختلف كثيرا عما سبق واعلنه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لجهة التعيينات، واقالة حاكم مصرف لبنان، واعادة التوازن في اي تشكيلة لجهة «المداورة» في الحقائب، وعدم اقتصار الامر على حقيبة «الطاقة»، مع توجه تفضيل رئاسي لتشكيل حكومة سياسية.
اقتصاديا تبدأ معاناة اللبنانيين اليوم مع زيادة التعرفة على الاتصالات، فيما «اوجيرو» تقفل عدد من «سنترالاتها». اما ازمة الخبز فتبقى معلقة وسط تقاذف للمسؤوليات حول الجهة المسؤولة عن الفساد في ملف الطحين، فيما اقتراح ميقاتي حول انشاء صندوق لاعادة جزء من اموال المودعين «فكرة» تحتاج الى المزيد من الدراسة قبل ان «تبصر النور». هذه المراوحة الداخلية تتناقض مع حالة الغليان السياسي والامني في المنطقة التي تنتظر الرئيس الاميركي جو بايدن منتصف الجاري.
فكرة «الناتو» العربي يبدو انها «ولدت ميتة» باقرار ديبلوماسي قطري رافق وزير الخارجية الى بيروت. اما «اسرائيل» فمشغولة بخطر حزب الله المتنامي وسط اقرار من اعلى المستويات الامنية بعدم الجهوزية لخوض اي حرب جديدة.
«شروط» وتساؤلات رئاسية
لم تتضح بعد ماهية الخطوة المقبلة لرئيس الحكومة المكلف الذي ينتظر لقاء رئيس الجمهورية اليوم «ليبني على الشيء مقتضاه»، فمع علمه المسبق ان الرئيس عون لن يوافق على التشكيلة الوزارية، بعدما تقصّد «القصر» احراقها بتسريبها للاعلام. عدم اتباع ميقاتي مبدأ المداورة الشاملة وإبقاء وزارة المالية ضمن حصة الطائفة الشيعية وخصوصا «حركة امل»، ستكون المدخل الرئيسي لرفض الرئاسة الاولى للتشكيلة، فضلا عن رغبة باتت واضحة لدى الرئيس للحصول على ضمانات سياسية لينهي عهده بانجازات ترتبط اولا بإقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وحصول تعيينات في الفئة الاولى تعزز مكانة فريقه السياسي، فضلا عن حماية التوازنات السياسية في الحكومة المفترض ان «تملأ» الفراغ الرئاسي.
وتتساءل مصادر مقربة من بعبدا عن سبب قيام ميقاتي بتغيير 3 وزراء من التيار الوطني الحر، فيما احتفظ وزراء آخرون بحقائبهم، على رغم معرفته بوجود ملاحظات رئاسية عليهم. وكيف يمكن لميقاتي تجاوز الرئيس بإجراء تعديلات دون التشاور معه؟ وهنا يفضل الرئيس تشكيل حكومة سياسية، ولن يقبل بتجاوز ملاحظات فريق سياسي وازن، فاما تحصل تسوية متوازنة او لا حكومة؟
ميقاتي غير «محشور»
ووفقا لمصادر مطلعة على موقف ميقاتي، لا يرى انه مضطر لقبول اي شروط مسبقة، لانه ليس في وارد القبول «بتقييده» ومحاصرته في آخر ايام العهد. هو اليوم رئيس حكومة تصريف اعمال، ومكلف في الوقت نفسه تشكيل حكومة، وليس محشورا بالوقت «كما يدعي». والمنطق يقول ان اي تفاهم مفترض على خارطة طريق سياسية واقتصادية، يجب ان تحصل مع الرئيس الجديد. فما الداعي «لتكبيل» نفسه دون اي ثمن في المقابل؟ مع العلم انه بعد انتهاء ولاية الرئيس عون سيضطر الجميع للتعامل مع حكومة تصريف الاعمال
عون يتهم ميقاتي «بالخبث»
وفي هذا السياق، لم يعد خافيا على احد شعور الرئاسة الاولى بان ميقاتي جزء من فريق سياسي يقوده رئيس مجلس النواب نبيه بري، ويشكل جنبلاط احد اهم ركائزه، يتعامل مع العهد انه من الماضي ولا يريد له تحقيق اي انجاز بما تبقى من مدة الولاية الرئاسية. ولم يكن مفاجئا، توصيف رئيس الجمهورية لكيفية تعامل رئيس الحكومة المكلف مع تشكيل الحكومة، فوفقا لزوار بعبدا تحدث الرئيس عن «خبث» ميقاتي غير المفاجئ بالنسبة اليه. وقال «هو يمنحك الانطباع برغبته بالتعاون وعدم وجود اي نوايا سيئة تجاهك، فيما تعكس تصرفاته عكس ذلك، وعندما تواجهه بالحقائق يمنحك اجوبة عامة، وفي الخلاصة لا تصل معه الى اي نتيجة». ووفقا لتلك المصادر، «يترحم» الرئيس عون على العلاقة مع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، على الرغم من الخلافات العميقة في كل شيء، لكن الحريري «كان لا يراوغ، ويقول ما يفكر به ولا يقول عكس ما يفكر».
تبريرات الرئيس المكلف
في المقابل، ترفض اوساط مقربة من رئاسة الحكومة الاتهامات الرئاسية، وتشير الى ان الرئيس المكلف لا يريد المزيد من هدر الوقت، ما دام المطلوب من الحكومة مهمة محددة ترتبط بمتابعة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي للانتقال الى مرحلة التعافي المالي. وبررت المصادر تسليم ميقاتي نسخة من التشكيلة الوزارية التي أعدها، بخلاف ما كان يحصل في السابق، بأن تقتصر الزيارة الأولى للرئيس المكلف على إطلاعه على نتائج الاستشارات النيابية بان الظروف استثنائية، والبلد لا يتحمل مشاورات طويلة، لان المهل القانونية ضيقة والوضع الاقتصادي سيىء للغاية. والسؤال لماذا يشعر الرئيس عون انه محشور؟ الآن عليه اما القبول واما الرفض او طلب تعديلات يراها ضرورية، وعندها «يبنى على الشيء مقتضاه».
لا تسليم «لخصوم» العهد
ووفقا لمصادر مطلعة، فان السيناريو المرجح يبقى التمديد لحكومة تصريف الأعمال، على أن يأخذ المجلس النيابي على عاتقه إقرار مجموعة من اقتراحات القوانين المطلوبة لتسهيل التفاوض مع صندوق النقد، خصوصاً أنه ليس هناك ما يمنع البرلمان من تشريع الضرورة بعد اعادة الاعتبار لحكومة تصريف الأعمال . وسيكون هذا الامر مسرحا لاشتباك جديد بين بعبدا والسراي. فهل سيقبل الرئيس عون بإحياء جلسات مجلس الوزراء بذريعة الظروف الاستثنائية؟ ام يقاطع وزراء «التيار» ويرفضون تصريف الاعمال؟ خصوصا بعدما المح باسيل بان التكليف الجديد غير ميثاقي، فكيف لحكومة ان تكمل عملها بغياب المكوّن المسيحي؟ في الخلاصة، لن يوافق «التيار» على تسليم البلاد لـ «خصوم» العهد.!
المصدر: الديار