بأقلامهم

بالفيديو والصور: #لبنان عائم على “#بحرٍ” من #الثروات… رحلة البحث عن “كنزٍ دفين” استغرق ساعات…صخور “تدرّ دولارات” في المنطقة الممتدة من #حاصبيا إلى #مشغرة إلى #سحمر”

 

الاعلامي عبد الله ذبيان – الميادين نت

رحلة “الميادين نت” للبحث عن صخور “الحمّر” في باطن الأرض اللبنانية متشعبة حيث استغرق البحث عنها ساعات طويلة…. لا ضير فالمطلوب هو “العثور على “كنزٍ دفين” في الصخور النفيسة، ما يشي بوجود بترول، كما يقول الباحثون والمتابعون.

لبنان عائم على “بحرٍ” من الثروات.. منها الطبيعية والمائية والأثرية، وصولاً إلى الغازية فالبترولية، لكنه يعيش وضعاً اقتصادياً صعباً، وفي منطقة مضطربة سياسياً وعسكرياً، والتهديدات الإسرائيلية قائمة على الدوام.

وعلى مدى عقود خلت، أغفلت الحكومات اللبنانية المتعاقبة- عن قصد أو غير قصد – ملف الثروات، وقد يقول قائل إن هنالك أيادٍ خارجية كانت تدفع إلى ذلك!

قوة لبنان…. أنقذت الغاز!
في أتون ما يحيق بلبنان من أزمات اقتصادية ومعيشية، كان لا بد من شقّ كوّة أمل…ولو بالقوة!

“أقول للبنانيين إننا أصبحنا أمام موضوع يجب أن يتحوّل إلى قضية لبنانية كبرى، وأمامنا ثروة هائلة تقدّر بمئات الملايين وهي ملك للشعب اللبناني”.

الكلام هذا كان للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، في 25 أيار/ مايو 2022.

بعد ذلك كرّت السبحة: المقاومة ترسل مسيّراتها الثلاث فوق حقل “كاريش”، الاحتلال يستنفر، شركات النفط العالمية تكبح جماح عملياتها، العواصم الكبرى التي تنوء تحت تأثير ما يجري في اوكرانيا على أسواق النفط تصوّب أنظارها نحو لبنان.

كوّة الأمل رغم الألم تتسع… بعد مفاوضات صعبة، والنتيجة المتوخاة تحققت: لبنان يفرض اتفاقاً على ترسيم الحدود البحرية لحفظ لبنان في ثروته الغازية في المتوسط.

رحلة بحث عن “الحمّر” الثمين
من نافل القول، أن جوف الأراضي اللبنانية كما مياهه الإقليمية، يحوي ثروات نفطية وغازية لا يستهان بها، وقد أثبتت الدراسات الجيولوجية ذلك…. وسيكون لنا تقرير خاص حول هذه الثروات لاحقاً.

إنها صخور “الحمّر” الثمينة (butum) ، وهذا موضوع تقريرنا اليوم، فهو كنزٌ لبناني دفين يستحق منّا بذل الجهود وسبر أغواره و التقصي عن كنهه؟

كان فريق الميادين نت قد أجرى استطلاعاً ميدانياً بحرياً منذ أشهر على مشارف حقول الغاز اللبنانية الفلسطينية في منطقة الناقورة المتاخمة لفلسطين المحتلة بالتعاون مع مدير النادي اللبناني للغوص يوسف الجندي.

واليوم، نخصصّ يوماً طويلاً في “رحلة البحث عن الحمّر الثمين”  الذي تضمّن جولة في منطقة وادي التيم -حاصبيا.

إلى “جبل الكنز” …  أزفت اللحظات المنتظرة!

طبيعة الأرض الصخرية البركانية السوداء تغطي الأرض، وهذا دليل واضح على ما تكتنزه من ثروات، رئيس بلدية حاصبيا لبيب الحمرا يواكب فريق الميادين نت مع سيارات الدفع الرباعي، الشغف والترّقب يسيطران لدى الدخول إلى سفح هذا الجبل ، هنا (كما يقال) يمكن أن نرى الصخور التي تدرّ دولارات، كما يصفها الأهالي!

صخور مميزة، مغاور متعددة،  أشجار الزيتون معمّرة، النمل يستنبش تربة رمادية اللون، وعلى الجانبين ثمّة أطلال لأبنية قديمة كان لها دور على مدى عقود من تاريخ لبنان

وأزفت اللحظة المنتظرة بعد بحث… العثور على “البئر” الرئيسي الأثري لمنجم “الحمّر”، كان “لحظة استكشاف مثيرة”! فمنذ عقدٍ من الزمن وعلى عمق 80 متراً كان يتدلى هذا السلّم الحديدي الطويل، وإلى جانبه ثمّة “مواسير” حديدية كانت تضخ الأكسجين إلى عددٍ كبير من المغاور والأنفاق في الجبل، بواسطة مضخة ضخمة تمكنّا من معاينتها وتصويرها.

“رئاسة الحمّر”: مزرعة أبقار!

إلى جانب البئر والمضخة، هنالك  جدران لغرفٍ كانت تستخدم لاستراحة ومبيت عمال المناجم، عايّننا مبنى مكاتب إدارة استخراج وتصدير “الحمّر” في لبنان المبني من العقد الحجري الأثري، لكن المفاجاة تمثلّت في الوضع الراهن المزري لهذا المبنى الذي تحوّل إلى مزرعة للأبقار!!

نعاين الجبل ومغاوره،  قبل أن نعلم أن هذه المنطقة تحوي إضافة إلى “الحمّر”، كميات كبيرة من الغاز بشهادة شركة نروجية كانت أجرت دراسة ميدانية مطلع السبعينات”.

المؤرخ سليقا: المناجم أقفلت “لغاية في نفس يعقوب”!

الملفت هو استحواذ  باطن الأرض في منطقة حاصبيا (جنوب البلاد) على ثروة بترولية صخرية شكّلت إبّان فترة الانتداب الفرنسي”ثروة وطنية” ذاع صيتها في دول أوروبا …  إلى أن “أُقفلت مناجمها فجأة بين ليلة وضحاياها “لغاية في نفس يعقوب”! كما أكد المؤرخ اللبناني المخضرم بلدة الفرديس الشيخ غالب سليقا للميادين نت خلال زيارتنا له في منزله..

مكتبة عامرة يحويها منزل المؤرخ العصامي سليقا وعائلته الرائدة ونجله الباحث المواكب د. رواد، الشيخ الذي طرق عتبات الثمانين ما انفك يبحث ويغبّ ويؤلف، ما يغني العلم والتاريخ ويصبح مرجعاً هاماً على مدى الأجيال.

الحمّر= البترول المجمّد!

يعرّف المؤرخ سليقا الحمّر بأنه “البترول المجمّد، وهو موجود في المنطقة الممتدة من حاصبيا إلى مشغرة إلى سحمر” (خريطة داخل الفيديو ) ،ويكشف أنه “في العام 1952 أتت “النقطة الرابعة” الأميركية وحفرت في سحمر لاستخراج البترول، لكن لا نعرف لماذا توقف هذا العمل على عمق 2000 متر  لا غير، ما يدّل على وجود هذه المادة في المنطقة” ، مشيراً إلى “أنهما مشتقان متلازمان، فالتوقف عن استكشاف النفط تبعه إيقاف استخراج الحمّر”.

 

ويشرح أن الحمّر يمسي كـ “الفيول أويل”، إذا ما وضع على حرارة عالية، وهذا ما يحتاجه لبنان اليوم للتخلّص من أزمة الكهرباء الخانقة،  ويطرح عدة أسئلة:  هل للاكتشافات البترولية في دول الخليج تأثير؟ هل جودتها أعلى؟ لماذا توقف استخراج الحمّر في تلك الفترة بالتحديد، تزامناً مع كل ذلك؟

رئيس البلدية: المنطقة تحوي ثروة ضخمة

وفي السياق،  يقول رئيس البلدية الذي كشف عن حالات متكررة لانبثاق للدخان المتصاعد من الجبل  إن “هذه المنطقة من أغنى المناطق بخيراتها المطمورة تحت الأرض، والتي كان الانتداب الفرنسي أول من بادر إلى استخراج الحمّر”، داعياً الدولة إلى الإسراع في إعادة تشغيل المناجم”.

وناشد المسؤولين “إيلاء مناجم “الحمّر” أي الأحجار النفطية في قاطع حاصبيا الاهتمام، لما تحويه من ثروة بترولية ضخمة تؤمن في حال العمل على إعادة استغلالها، دخلاً وفيراً لخزينة الدولة ويداً عاملة لأكثر من 1000 شخص”، لافتأ إلى أن الأطراف الغربية لبلدة حاصبيا هي موطن “الحمّر” الوحيد في لبنان.

كاميرا الميادين داخل مغارة: لا أكسجين!
وخلال تنقلنا، في الجبل المذكور، تمكنت عدسة الزميل الحاج من دخول مغارة أثرية على بعد كيلومترات على ضفاف نهر الحاصباني كانت تستخدم كأحدى الفوهات العديدة التي كان يستخدمها العمّال للخروج من الجبل والمناجم.

من جهته، ذكر محمد أبو دهن (85 عاماً)، وهو العامل الوحيد المتبقي على قيد الحياة والذي عمل لفترة في مناجم الحمر للميادين نت أن استخراج الحمر كان انطلق بطرق بدائية من خلال استعمال المعول والرفش والأزميل والسلال وكانت الكمية المستخرجة قليلة.

وأوضح أنه مع دخول إحدى الشركات الاجنبية تطوّرت أعمال التنقيب وزاد الانتاج بعدما بات يتم بمعدات متطورة.

يذكر أن نسيب غبريل كان قد استحصل وخلال مناقصة أجريت العام 1933 على رخصة استثمار للحمّر لمدة 25 سنة وكان ينتج حوالى 2000 طن سنوياً عبر التعاقد مع شركات أجنبية.

وذكر أن الحمّر يتواجد على شكل طبقاتٍ في باطن الأرض وبسماكة تتراوح بين متر ومترين ونصف، قائلاً إن “العمال كانوا يصلون إليه عبر خنادق و سراديب لا يتجاوز قطرها متر ونصف بعد ان يتم تأمين تهويتها بواسطة فتحات تربط بين الانفاق وسطح الأرض”.

الحمّر إلى تركيا وأوروبا

المؤرخ سليقا أشار إلى ان النتائج المخبرية التي كانت تجريها الشركات المنقبة دلّت على أن الحمر الحاصباني يحتوي على 97 % من الحمّر الصافي وهي أعلى نسبة عالمية، وأن بقاياها  بعد معالجتها تتحول إلى أسمدة كيماوية.

ولفت إلى أن كميات الحمّر المستخرجة كانت تنقل بواسطة شاحنات إلى مرفأ بيروت لتصدّر إلى العديد من الدول الأوروبية خاصة فرنسا وأيطاليا وهولندا، فضلاً عن تركيا.

ويدخل الحمّر في العديد من الصناعات الثقيلة والخفيفة على حدّ سواء ومنها صناعة الدهانات والصباغ وطلاء البواخر، كما يدخل في صناعة الأدوية والمبيدات الحشرية الزراعية، ويستعمل أيضا كمادة عازلة.

 وزير البيئة: نجمع معلومات موثقة حول مناجم الحمّر

حوالى 800 عامل من كافة قرى المنطقة إضافة لعمال وخبراء أجانب أمضوا حوالى 40 عاماً في الحفر والتنقيب والنقل، والجدير ذكره، أن 4 عمال من أبناء بلدة حاصبيا كانوا لقوا حتفهم داخل احد المناجم العام 1954 بسبب انهيار أحدها على عمق حوالى 100 متر، ليتوقف بعدها استخراج الحمّر!

وكان لا بد من رصد موقف وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية ناصر ياسين الذي أجرى اتصالات مكثفة لجمع معلومات موثقة حول مناجم الحمّر مع كل الجهات الرسمية المعنية في حاصبيا للوقوف على كافة الحيثيات المتوفرة حول هذه المناجم.

وقال “عملت في اعقاب ذلك على تشكيل لجنة تضم اخصائيين وخبراء جيولوجيين وبيئيين وفنيين مهمتها إعداد تقرير ميداني علمي شامل ومفصل مبني على وقائع حسية ملموسة حول هذه المناجم والجهات التي اكتشفت الحمّر والشركات التي نفذّت أعمال الحفر والتنقيب والتشغيل والتصدير والبلدان التي استوردت”.

 

المصدر: الميادين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى