بأقلامهم

سرطان القولون: السبب الثاني للوفيات

تمارا أبودرغم

 

أصبح سرطان القولون منتشراً بكثرة بين الناس حيث أحتل المرتبة الثالثة من بين أنواع السرطان الشائعة في العالم ويشمل 10% من حالات السرطان بحسب منظمة الصحة العالمية، وهو السبب الثاني للوفيات لمرضى السرطان، يصيب غالباً الأشخاص الأكبر سناً، أي 50 سنة وما فوق. وبحسب وزارة الصحة في لبنان يحتل هذا سرطان المرتبة الثانية لدى النساء والرابعة لدى الرجال.
سرطان القولون هو نوع من أنواع أورام الجهاز الهضمي يبدأ عادة في بطانة الأمعاء الغليظة، ويظهر عندما تتغير خلايا القولون وتتحول إلى خلايا سرطانية. يمكن أن يتطور ببطء على مراحل طويلة ويحدث تدريجياً على مر الوقت نتيجة لتراكم التغييرات الجينية في الخلايا، والتي قد تكون ناتجة عن عوامل وراثية أو بيئية.
عملية التشكل تبدأ عادة بنمو الزوائد اللحمية التي تسمى البولبيات الغدية (polyps) على جدار القولون. تتطور بعض هذه الزوائد إلى سرطان بمرور الوقت، قد تحدث على القولون أو المستقيم الذي هو الجزء الأخير من الأمعاء الغليظة، ويعتبر تحول هذه الزوائد إلى سرطان نقطة انطلاق لتكوين أورام خبيثة. التغييرات الجينية التي تحدث قد تؤثر على طرق تنظيم النمو والموت الخلوي، مما يسمح للخلايا بالانقسام بشكل غير منتظم والتكاثر، مكونة كتلة سرطانية. قد يظهر بعض الأعراض في وقت مبكر، لكن يمكن أن تكون غير ظاهرة لفترة طويلة.

أسباب ظهور سرطان القولون
يظهر عندما يحصل تغيير في الخلايا السليمة التي تنمو وتنقسم لمنح الجسم الأداء السليم، ولكن ممكن أن يحصل خلل حيث تنمو وتتكاثر هذه الخلايا بشكل أكثر من العدد الطبيعي المطلوب. هذه الزيادة في منطقة القولون والمستقيم ممكن أن تتضمن خلايا قبل السرطانية “Precancerous” في غلاف القولون والتي من المحتمل بعد فترة أن تصبح خلايا سرطانية. ومن الأسباب الأخرى أيضاً تحول الزوائد اللحمية إلى سرطان، التغييرات الجينية في الخلايا القولونية، عوامل وراثية قد تزيد من الخطر، وعوامل بيئية ونمط حياة مثل النظام الغذائي ونقص النشاط البدني.
كما ممكن أن تتكون الأورام ما قبل السرطانية في أي مكان على طول القولون الذي يبلغ 120-150 سنتيمتر في الجزء العلوي أي الأمعاء، و 15 سنتيمتر في جزئه الأخير الذي يسمى المستقيم. تعرف هذه الأورام بالسلائل (Polyps)، وهي نموات صغيرة على جدار القولون. هذه السلائل يمكن أن تكون ما قبل سرطانية، وإذا لم تتم إزالتها، يمكن أن تتحول ببطء إلى سرطان. هناك نوعان رئيسيان من السلائل في القولون، السلائل الإلتهابية الناتجة عن إلتهابات مزمنة في القولون، مثل التهاب القولون التقرحي. والسلائل غير التهابية التي تنمو ببطء، وتكون عبارة عن نمو غير عادي للخلايا على سطح القولون. بعضها يمكن أن يكون ما قبل سرطانية، خاصة السلائل الكبيرة.

ما عوامل الإصابة به وخطورته؟
من أهم عوامله العمر المتقدم، حيث يزداد خطر الإصابة بسرطان القولون مع التقدم في العمر، وتم تشخيص حوالي 90% من المصابين به تجاوزوا 50 سنة. أيضاً التاريخ العائلي لسرطان القولون، وجود داء السلائل، التهابات القولون المزمنة، اضطرابات وراثية معينة أي المتلازمات الوراثية التي تنتقل من شخص لآخر بالعائلة وهي مسؤولة عن 5% من حالات سرطان القولون، ونمط الحياة المرتبط بالأنظمة الغذائية قليلة الألياف والخضار والفاكهة والغنية بالدهون واللحوم، قلة ممارسة النشاط البدي والسمنة المفرطة، كما إن التدخين وإستهلاك الكحول بكميات كبيرة تزيد إحتمالية الإصابة.

يعتبر سرطان القولون من الأمراض الخطيرة التي يمكن أن تكون قاتلة إذا لم يتم اكتشافها وعلاجها في مراحل مبكرة، فالكشف المبكر يلعب دورًا هامًا في تحسين فرص العلاج وزيادة فرص الشفاء. يمكن أن يكون للسرطان تأثير كبير على نوعية حياة المريض، ويتطلب عادة علاجًا شاملاً يشمل الجراحة والكيمياء والإشعاع.

متى يتوجب عليك إستشارة الطبيب؟
عوارض سرطان القولون يمكن أن تتنوع وتعتمد على مرحلة تطور المرض، بعض العوارض الممكنة تشمل تغييرات في نمط الأمعاء مثل تغييرات في حجم البراز، الإمساك المستمر، أو الإسهال. نزيف مستمر أو دم في البراز، ألم في البطن أو تورم، فقدان غير مبرر للوزن، وضعف عام أو تعب التي يمكن أن يكون نتيجة لنقص الدم ناتج عن النزيف الدموي.
لذا من المهم جداً عند ملاحظة أي من هذه العوارض، إستشارة الطبيب لتقييم الحالة وإجراء الفحوصات الضرورية، حيث يمكن أن تساعد الكشوف المبكرة في زيادة فرص العلاج بنجاح.

كيف يتم تشخيص المرض؟
عبر تاريخ طبي وفحص جسدي لتقييم العلامات والأعراض المحتملة، أو عبر فحص الدم لفحص وظائف الكبد والكشف عن علامات فقر الدم، والتصوير الطبي الذي يشمل الأشعة السينية، والتصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، والتصوير بالتردد المغناطيسي (CT scan) لتحديد حجم الورم وانتشاره. أيضاً عبر فحص القولون بواسطة المنظار (الكولونوسكوبيا) ويعتبر هذا الفحص رئيسي لتشخيص سرطان القولون، حيث يتيح للطبيب رؤية القولون بشكل مباشر وأخذ عينات من الأنسجة للفحص النسيجي. كما يتم إعتماد الفحوصات النسيجية حيث يتم تحليل العينات المأخوذة من الورم تحت الميكروسكوب لتحديد إذا كانت تحتوي على خلايا سرطانية.

طرق العلاج
علاج سرطان القولون يعتمد على مرحلة المرض ونوع الورم، وهناك عدة خيارات علاجية ومنها الجراحة لإزالة الورم والأنسجة المحيطة به، وفي بعض الحالات قد يتطلب الأمر استئصال جزء من القولون أو المستقيم. العلاج الكيميائي (الكيميوثيرابي) الذي يستخدم العقاقير الكيميائية لقتل الخلايا السرطانية أو تثبيط نموها، يمكن أن يكون هذا العلاج جزءًا من الخطة العلاجية لتدمير الخلايا السرطانية التي قد تظل بعد الجراحة. أيضاً يمكن اللجوء للإشعاع لتدمير الخلايا السرطانية أو تقليل حجم الورم قبل الجراحة وهذا يستخدم أحياناً في حالات التشخيص المتقدمة. كما يستخدم العلاج المستهدف للجينيات أو البروتينات المحددة في الخلايا السرطانية، مما يساعد في منع نموها. والعلاج المستمر أي الرعاية النفسية تتضمن دعماً نفسياً واجتماعياً للمريض ويساعده على التعامل مع التحديات النفسية والاجتماعية المرتبطة بمرض السرطان.

كيف يمكنك الوقاية منه؟
يتطلب ذلك الفحص الدوري خاصةً بعد سن الخمسين، فحص الكولونوسكوبيا يعد أسلوباً فعالاً لكشف الزوائد اللحمية وسرطان القولون في مراحل مبكرة. إتباع نظام غذائي صحي وغني بالألياف مثل الخضروات والفواكه والحبوب الكاملة، والحفاظ على الوزن الصحي من خلال ممارسة الرياضة يعتبر مهماً للوقاية من خطر الإصابة بسرطان القولون. أيضاً تجنب التدخين والكحول، فالتدخين يرتبط بزيادة خطر الإصابة بعدة أنواع من السرطان، بما في ذلك سرطان القولون. والتقيد بالبرامج الوقائية أي تلبية دعوات الفحص المبكر والتشخيص يلعب دوراً أساسياً للوقاية.
وتذكر أن استشارة الطبيب للتقييم الدوري والنصائح الشخصية هي جزء مهم من الرعاية الصحية والوقاية من الأمراض، وخصيصاً من سرطان القولون الذي شكل تحدياً صحيًا يتطلب فحصًا دوريًا ووعيًا بالعوامل الوقائية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى