خاص موقع بكرا احلى

الاعلام ما بين ممانع و مروّج للتطبيع العربي الإسرائيلي.. و فلسطين مكانك راوح

 

ياسر أمهز

فلسطين القبلة الاولى ،مسرى الرسل وملتقى الحضارات والديانات ،نشأنا منذ الصغر على هذه العبارات
و المسلّمات و كبرنا و ترعرعنا على مظلومية القضية الفلسطينية و ان العدو الإسرائيلي هو كيان غاصب محتل،سالب للحق و الأرض،القدس هي الأمانة و البوصلة ،لكن في السنوات الأخيرة حصلت إعادة قراءة عربية رسمية لمسألة الصراع مع الكيان الغاصب ،عمدت الى رمي ذاكرتنا حول حقنا في فلسطين والصراع الوجودي مع العدو وسعت الى التعاطي مع اسرائيل بوصفها كياناً طبيعياً في المنطقة و هكذا شهدنا مظاهر التطبيع مع اسرائيل على المستويات كافة السياسية و الإقتصادية وصولاً الى الإعلام العربي الذي بدّل اللغة الخشنة في مواجهة الكيان الغاصب، وبدأ في التلطف معه ،مستخدما عبارات تكرّس وجوده بشكل عادي بإعتباره فاعلاً طبيعياًضمن معادلات المنطقة.

بدات تظهر قنوات عربية تلعب على الوعي والذاكرة للأجيال العربية الجديدة يراد لها ان تنسى قضيتها وأن لا تتحمل مسؤولية مواجهة عدوّها الوجودي، هذا الإعلام استضاف محللين وصحافيين وسياسيين ينتمون لهذا الكيان تحت مسمّى الرأي الأخر ،فحجة سماع الرأي الاخر بإتاحته فرصة الظهور في وسائل الإعلام العربية لا يمكن ان تكون حالة طبيعية فيما يتعلق بإسرائيل ،اذ تتغذى هذه الحالة على تفكيك الحصار عليها ومحاولة نيل شرعية الحضور في هذه المنطقة بكل وسيلة ممكنة.
يبدو ان التطبيع يسير على قدم و ساق فيما التسوية تبتعد اكثر وأكثر،وهو ما وصّلنا الى تطبيع اعلامي من نوع جديد حيث لا تكتفي وسائل اعلام عربية بإستضافة اسرائليين ونقل وجهات نظرهم بل تروّج الدعاية الإسرائلية بشكل واضح،وبتنا نرى الدول العربية واحدة تلوى الأخرى تذهب نحو التطبيع الشامل و العلني والمباشر مع اسرائيل في محاولة منها للتخلص من عبئ القضية الفلسطينية ومواجهة ما يسمونه بالخطر والتمدد الإيراني في المنطقة و على رأس هذه الدول الامارات و البحرين ،والتي تسعى بأسرع وقت ممكن الى تحقيق هذا التطبيع و إحلال السلام دون أي مقابل ،وإذا تعمقنا اكثر بالمسألة فنرى ان الامارات والبحرين مجرد ممر لإسرائيل للتوسع اقليميا،فهذه خطة عمل يتم تطبيقها على مراحل و ليست مجرد أفكارا و مقترحات ،فالعقائد المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي سواء كانت قومية او دينية او مسلّمات وطنية يمكنها ان تذوب وتتلاشى بفعل المصالح الإقتصادية و الرخاء الذي لن يتحقق الا بالسلام وهذا ما نشهده اليوم ويرخي ظلاله حاليا في تبريرات إعلامية ورسمية للتطبيع و يثبت ان الهدف هو استبدال كافة العقائد بعقيدة المصلحة. والرابح الأوحد من عمليات التطبيع هو طبعاً اسرائيل فهي ترى ان تركيز السلام و التنمية الإقتصادية و التعاون التكنولوجي افضل لإسرائيل خصوصا اذا كان بلا مقابل.
وللإطلاع على دور الاعلام و تأثيره في عمليات التطبيع مع العدو الإسرائيلي إستشرنا الأسير المحرر الأستاذ “نبيه عواضة”

وفي جوابه على هذه المسألة اكد الأستاذ نبيه :” تعتبر الساحة الإعلامية هي ميدان  من ميادين الحروب في عصرنا الحديث خاصةً مع التأثيرات التي تحدثها في الرأي العام وفي إنتاج القرارات السياسية و في تطبيق هذه القرارات و الترويج لها ،و المعروف ان هذه المعركة لا تقل أهمية عن المعارك العسكرية،لذلك هناك انقسام حاد في موضوع المقاربة من قبل وسائل الإعلام بالنسبة للتطبيع بين العدو الإسرائيلي و دول عربية.”واضاف الأستاذ عواضة: ” لذلك العمل على ادوات هذه المعركة مهم جداً لناحية تطوير هذه الأدوات ،توسيع دائرة الإستهداف دفاعاً و هجوماً في هذه المعركة،ابراز الجانب التاريخي الذي له علاقة بحقيقة ان هناك من ترّجل من القافلة و ذهب بإتجاهات اخرى ،ابراز الجانب الذي له علاقة بالموضوع الثقافي و الأحقية الكاملة في هذه المعركة خاصة ان الإعلام المروّج للتطبيع لديه امكانياته المادية الكبيرة جداً ،لكنه لا يمتلك الحق ولا يستطيع ان يقدم الحقيقة كما هي لأنه يدرك تماما ان ما جرى اتفاق سياسي يتناقض مع الحقيقة التاريخية و موضوع العدالة و موضوع حق الشعوب قي تقرير مصيرها  وايضا القفز عن القرارات الشرعية الدولية و قرارات الجامعة العربية والإجماع العربي وأكثر من ذلك يتجاوز البعد الإنساني الذي تتبناه بشكل اساسي وسائل الاعلام في توجهاتها من انها تستهدف الوعي،تستهدف الانسان بدرجة اساسية. ” واشار الاستاذ نبيه ايضاً:”لذلك قلت ان هذه معركة دفاعية بمكان  وهجومية بمكان ،الجانب الأكبر تعويلاً هو الجانب الدفاعي الذي يتعلق بالثوابت التي لها علاقة بالأسس و المسائل الراسخة في الوجدان العربي من ان اسرائيل هي عدو وجودي و كيان استيطاني توسعي كولونيلي. ” وختم عواضة بالقول :”يمكن تصنيف ما يحدث اليوم على المستوى الإعلامي من انه مسؤولية كبرى و تاريخية و مسؤولية لها ابعاد وجودية و استراتيجية،الخسارة بها على المستوى الإعلامي لا تقل عن الخسارة على المستوى العسكري و الميداني. وبأنه لا يمكن لهذه الدول و هذه الشعوب ان تصل الى اهدافها طالما هناك كيان صهيوني او جسم غريب موجود في هذه المنطقة. ”

موقع بكرا احلى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى