بأقلامهم

ويزهر الجنوب رغم الدمار: طلاب لبنان يصنعون المعجزة

 

محمد حسين إسماعيل
كاتب ومتابع للشؤون السياسية والتربوية والإنسانية

في وطنٍ يتقاسم الألم والرجاء، ويقف على شفير الهاوية تحت وطأة حرب طاحنة لم تترك حجراً على حجر، تُولد قصص تُشبه الأساطير. قصص لا تُكتب بالحبر، بل تُسجّل بالدموع، والتعب، والصبر، والإرادة. من بين الركام، من بين صفارات الإنذار وصوت القصف، يخرج أبناء الجنوب ولبنان، حاملين شهاداتهم، وابتساماتهم، وكأنهم يواجهون آلة الحرب بأقلامهم ودفاترهم.
نجح طلاب الجنوب، نعم، وتفوّقوا، لا لأن الطريق كان معبداً أمامهم، بل لأنهم حملوا في قلوبهم إيماناً لا يتزعزع بأن للعلم معنى، وأن المعرفة ضوء لا تطفئه النيران. وهم الذين درسوا على نور الشموع، وتحت أصوات الرعب، وعبر انقطاعات الكهرباء والإنترنت، نهضوا اليوم ليقولوا: “نحن هنا، لا تهزمنا الحروب، ولا تقهرنا الأزمات”.
إن تفوقهم ليس مجرد نجاح مدرسي، بل هو فعل مقاومة بحد ذاته. فكل علامة عالية هي صفعة في وجه الجهل، وكل شهادة مرفوعة هي راية في وجه الانكسار. في الجنوب، حيث أراد العدو أن يزرع الموت، نبتت الحياة. وحيث أراد أن يعمّ الجهل، أشرقت شمس الوعي والتفوق.
إنه نجاح لا يخص طلاب الجنوب وحدهم، بل هو شرف لكل لبناني يرى في هؤلاء الفتية والفتيات أمل المستقبل، ووجه لبنان الحقيقي، البعيد عن النفاق السياسي، وعن المهاترات، وعن تجار الدم. إنه لبنان المقاوم، الصابر، الذي ينجح شبّانه رغم كل العواصف.
فطوبى لكم يا طلاب الجنوب، وطوبى لأهلكم الذين دعموا وصبروا، ولأساتذتكم الذين لم يخذلوكم، ولتراب أرضكم التي أنبتتكم أحراراً، ناجحين، متفوّقين.

نجاحكم شهادة حياة… في وجه الموت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى